قبل أن أتحدث عن سقوط الكبار، يجب أن أشيد بالصغار الذين صنعوا الحدث وكانوا كباراً أكثر من الكبار أنفسهم، وهو ما قاله البرتغالي جوزيه مورينيو مدرب تشيلسي، يوم كان يتحدث عن خسارة (أبوالشوارب دل بوسكي مدرب إسبانيا) أمام تشيلي عندما قال، يجب أن نعطي تشيلي حقها لا أن نتحدث فقط عن خسارة بطل العالم.. ونسي أن منتخب بلاده سقط بالأربعة أمام ألمانيا.
وحتى ساعة كتابة هذه السطور فإن البطل الأول لمونديال البرازيل هو المنتخب الكوستاريكي الذي حقق (المعجزة) بفوزه على بطل العالم مرتين، وبطل أميركا الجنوبية 15 مرة، ورابع العالم 2010، منتخب أوروغواي. وبالثلاثة وبعدها أجهز على بطل العالم 2006، وحامل اللقب أربع مرات، المنتخب الإيطالي، بهدف برايان رويز الذي هز شباك بوفون، أحد أفضل حراس العالم. وقبلها بثوان كانت هناك ضربة جزاء صحيحة مئة في المئة لكوستاريكا تغاضى عنها حكم اللقاء (الضعيف جداً) التشيلي أنريكي أوسيس.
ولم تتوقف إنجازات كوستاريكا عند هذا الحد، بل كانت الضربة الأقسى والأكثر إيلاماً هي إخراج بطل آخر للعالم من الدور الأول، هو المنتخب الإنكليزي الذي جلس عشاقه يتابعون اللقاء على أمل بأن تلتهم إيطاليا كوستاريكا وتنهي مغامرتها، أو تؤجل الحسم على أمل بأن يفوزوا هم عليها، ثم تفوز إيطاليا على الأوروغواي كي يتأهلوا لدور الـ16. ولكنه كان مثل (عشم إبليس بالجنة)، كما يقول إخوتنا المصريون الذين أصابتهم هم أيضاً لعنة كأس العالم فغابوا من النهائيات منذ 1990، وهم أساساً لم يتأهلوا سوى مرتين، الأولى عام 1934 بعدما فازوا على فلسطين وتأهلوا وخرجوا بعد أول مباراة، والثانية في إيطاليا 1990، و لم يتركوا أية بصمة حقيقية (مثل البصمة الكوستاريكية أو التشيلية أو حتى السعودية أو الجزائرية أو المغربية) وخرجوا من الدور الأول، وعلى رغم تتويجهم ثلاث مرات متتالية أبطالاً لأفريقيا فإنهم عجزوا عن الوصول إلى نهائيات كأس العالم، فباتت تلك النهائيات لعنة حقيقية نتمنى أن لا تطول أو تستمر، فدولة في حجم مصر تستحق أن توجد في النهائيات، وتستحق أن تستضيف النهائيات، ولكن الأفارقة في شكل عام خلال هذه البطولة لم يتركوا أية بصمة تذكر، فخرجت الكاميرون من الدور الأول بخسارتين أمام المكسيك وكرواتيا، وخسرت غانا أمام أميركا، وساحل العاج أمام كولومبيا (على رغم فوزها على اليابان)، وتعادلت نيجيريا مع إيران، وخسرت الجزائر أمام بلجيكا، وكنا نتوقع أن يكون الأفارقة أرقاماً صعبة جداً في البطولة، ولكنهم للأسف حتى الآن ليسوا كذلك، باستثناء غانا الذين تألقوا أمام الألمان.
مقالة للكاتب مصطفى الاغا عن جريدة الحياة