عيسى الجوكم : ثمانية ألمانيا.. وأربعتها في البرتغال..!!

الجوكمحتى المنتخبات الكبيرة تسحق بالخمسات والأربعات، لكن صحافتهم وجمهورهم وحتى مسئوليهم، يحاولون بكل الطرق وفي وقتها ردمها بالنسيان.
 بطلة العالم أسبانيا أكلت خمسة من هولندا، والبرتغال رباعية من ألمانيا، والقائمة ربما تطول في هذا المونديال الذي بدأ ساخنا في كل شيء.
 والتاريخ مليء بالنتائج الكبيرة، ولكن كل الخاسرين مسحوها من ذاكرتهم، ليبدأوا رحلة جديدة لبناء فرقهم ومنتخباتهم.
 في تلك البلدان يطمسون الخسارة بقصد وترصد، وهنا كلما تحققت نتيجة كبيرة في المونديال، أو حتى في المريخ استعرضوا نتيجة الأخضر وألمانيا، والأدهى أن الاتهامات المتبادلة من عام 2006، مازالت حاضرة في المناقشات، وكأنها في مونديال 2014م.
 هناك فرق في نمط التفكير بيننا وبين الآخرين، وطبيعي أن نتأخر وهم يتقدمون، لأننا نعشق العيش في جلباب الفضائح عفوا أقصد (الهزائم)، وهم يعشقون العيش في جلباب النهوض بعد السقوط.
 لا أعرف السر وراء الغرق في محيط الاخفاقات، والإصرار على البقاء في دائرة الإحباطات، لكنني وغيري نعرف أن جزءا من هذه المعضلة يدخل في خانة الميول المصحوب بالتعصب الأعمى، فالبعض يسترجع هذه الذكريات بغضا في نجم أو مدرب أو إداري والقائمة تطول..!!
 ثمانية ألمانيا في المرمى الأخضر ما زالت عالقة في الأذهان، وهناك من جعلها مائدة فطور مع قهوة الصباح في كل يوم شماتة بنجم يختلفون معه، ونسي هؤلاء أن نظريتهم إزاء من يتشمتون به، هو اعتراف منهم بأنه الكبير والباقي (…..) لا سيما أن الأسماء الكبيرة فقط هي التي تذكر في حالة الانتصار والإخفاق، أما الأسماء الغائبة التي ليس لها ذكر فهي بالفعل صفر على الشمال كما يقولون.
 أتفهم لغة الميول والتعصب جيدا، ففي حالات النيل من الآخر تظهر مصطلحات كثيرة للتندر، ولكن هذه الهفوات لا تكون هاجسا يوميا، ولا الشغل الشاغل لمروجيها ومسوقيها، فهي تتماشى مع الحالة الوقتية وتنطفئ، ولكن أن تستمر لسنوات، وتكون العلامة البارزة لهم في كل حركاتهم وسكناتهم وآرائهم ومناقشتهم، فهذا ليس تعصبا ولا ميولا، بل مرض يعاني منه أصحابه.
 كثيرون في وسطنا الرياضي يعيشون هذه الحالة المرضية، فتجد عقدتهم واضحة اتجاه نجم ما أو فريق أو ضد منتخب أو بطولة أو إدارة أو رئيس، فتجد جل اتهاماتهم وأحاديثهم ضد من شكل لهم العقدة، حتى أنك تتساءل كيف يعيش هؤلاء يومهم؟!
 أعرف بعضا من هؤلاء المرضى، فهم من ربع قرن وأكثر شغلهم الشاغل نجم بعينه، يتابعونه في كل صغيرة وكبيرة، يفرحون لإخفاقه ويحزنون لفرحه، حتى لو أن الأمر لا يعنيهم ولا يعني فرقهم ولا حتى نجومهم، بل إنه استحوذ على تفكيرهم أكثر من التفكير في أنفسهم –وكفى-.

عن اليوم

6