منذ آخر حضور سعودي فعلي في المونديال بالمشاركة في كأس العالم 2006 في ألمانيا اكتفت الكرة السعودية بالتواجد صورياً في مونديالي جنوب أفريقيا 2010، وحيث تقام الآن في البرازيل من خلال ممثلي الاتحاد السعودي، وكذلك عبر مشاركة “ثقافية” من خلال وفد وزارة الإعلام الذي قدم صوراً فلكلورية عن المملكة.
أتذكر جيداً أن مشاركتنا في المونديال الأفريقي تمثلت في الثلاثي الدكتور حافظ المدلج ومحمد النويصر وطيب الذكر فيصل العبدالهادي، حيث تابعنا تحركاتهم لحظة بلحظة، في الفنادق، والمطاعم، وسيارات الأجرة، وكذلك في الملاعب من خلال ما كان ينقله الثنائي النويصر والمدلج من صور وأخبار خاصة عبر “الفيس بوك”، حيث عرفنا تفاصيل التفاصيل في يومياتهم باستثناء معرفة ماذا خرجوا من فائدة للكرة السعودية عبر هذا الحضور.
لا أنسى أنني كتبت آنذاك عن هذه الرحلة الثلاثية مقالاً تحت عنوان “سؤال بريء على هامش المونديال”، تساءلت فيه عن جدوى هذا الحضور وأثره على الكرة السعودية، وتساءلت حينها عن غياب العاملين في لجان الاتحاد ورابطة المحترفين، وهم المعنيون أكثر بالاستفادة من خلال الوقوف على تجربة ثرية كالمونديال بكل ما يحويه من مخزون إثرائي؛ سواء في التنظيم أو كافة تفاصيله الأخرى الإدارية والفنية واللوجستية.
أربع سنوات مرت منذ ذلك المونديال ولا جديد في الكرة السعودية غير مزيد من الخيبات إدارياً وتنظيمياً، وها هي الصورة يعاد إنتاجها مرة أخرى في مونديال البرازيل؛ إذ بقي الحضور صورياً بتواجد النويصر والمدلج، ولم يتغير في كادر الصورة سوى دخول احمد عيد واحمد الخميس مع غياب للعبدالهادي الذي ودع المشهد الكروي، ولا أنسى متغيراً جديداً مهماً، وهو أننا بدلاً من متابعتنا لهم في “فيس بوك” كما في العام 2010 تابعناهم هذه المرة في “تويتر”.
مرة أخرى ونحن نستقبل أخبار وصور السادة المحترمين ممثلي كرتنا في المونديال كنت أمني النفس ومعي كثيرون بمعرفة جدوى هذه الحضور المونديالي وارتداداته على واقعنا الكروي المتخم بالفوضى، والمريض بداء الارتجالية، وما هو جدول أعمال وفدنا الموقر في أهم حدث عالمي، وخابت الأماني فلا شيء غير أخبار خاصة، وصور شخصية في الفنادق والمطاعم والمدرجات والمطارات.
الجميل أننا عرفنا أن الدكتور المدلج عضور المكتب التنفيذي للاتحاد الآسيوي يشجع منتخب الأرجنتين وإن ارتدى “تي شيرت” البرازيل في الافتتاح، ويحب أكل ال “ستيك”، في وقت عرفنا أن النويصر ومعه الخميس يعشقان الأكل الإيطالي، وفي حين بدا نائب الرئيس متفاعلاً مع الصور من خلال ابتسامته الجميلة التي لا تفارق محياه بدا الأمين العام خجولاً حيث كان يسترق النظر للكاميرا في كل صوره، أما الرئيس فكان في جل الصور مشغولاً بجواله!.
أتفهم جيداً أن حضور الوفد السعودي يأتي في سياق المشاركة في الجمعية العمومية للفيفا والجمعية العمومية للاتحاد الآسيوي، لكن ما لا أتفهمه أن تكون المشاركة قاصرة على هذا الحضور “البروتوكولي”، في وقت كان يمكن لها أن تكون تجربة ثرية للاتحاد الذي يعاني ما يعانيه لو أن الوفد قد ضم الكوادر المشغلة للكرة السعودية سواء في لجان الاتحاد أو رابطة المحترفين بدلاً من أن يكون الحضور فقط من أجل صورة شخصية تبدأ بابتسامة “تشيييييز” وتنتهي بتغريدة!.
مقالة للكاتب محمد الشيخ عن جريدة الرياض