التحذير الشديد اللهجة، الذي وجهه مدير المركز الدولي للأمن الرياضي عبر صفحات «الحياة»، إلى مسيري الرياضة السعودية عن تجاهل الاتهامات التي طاولت منافسات كرة القدم السعودية، أتمنى أن يصل مضمونه وتبعاته الخطرة إلى المسؤولين بقلوب صافية مخلصة، حرصاً على سمعة الرياضة السعودية ونزاهة منافساتها التي شهدت هذا الموسم تحديداً جرأة غير مسبوقة، واتهامات صريحة من رؤساء ومسؤولي أندية لأخرى بالتلاعب بالنتائج، بل وبيعها بصفقات، سميت مجازاً تبادل مصالح، ثمنها تبادل لاعبين وإسقاط ديون أو منح هبات مالية، وكان حرياً بمسؤولي الاتحاد السعودي، لو كانوا شجعاناً، أن يستفزهم التلوث في سماء الرياضة، وأن يسعوا بكل قوة لتنقيته مهما كان مصدره، من خلال التعامل مع ما يقال بجدية بالغة، واستدعاء كل من تدور حولهم الشبهات لإظهار الحقيقة أولاً، إن حدث ما يقال فعلاً، ومعاقبته أشد العقاب ليكون عبرة لغيره، أو تبرئته وإيقاع العقوبة بمن اتهم بلا دليل، قطعاً لدابر التخوين الذي أصبح من السهل إطلاقه بلا حسيب ولا رقيب.
ولكن يبدو أن خشيتهم من تبعات هذا الموضوع والتي ربما تجر خلفها شخصيات (من الذين لا يقدر عليهم إلا الله) ولا يتجرأ اتحاد الكرة عليهم، هي ما جعلهم في حيز «لا أرى.. لا أسمع.. لا أتكلم».
تساؤلات الرجل ومقترحاته، أستغرب أن أحداً من الإعلاميين لم يسأل رئيس الاتحاد السعودي عنها، وهم الذين أشغلتهم تصريحات خالد البلطان وسعوا لتأجيجها معه في كل لقاء، على رغم أن ما طرحه يجب أن يكون من أولويات الاتحاد المقبلة التي لا تقبل التأجيل أو التهميش، وأن يبدأ من فوره في إجراءات تنفيذها بإنشاء وحدة للنزاهة من خبراء مستقلين، ويدعمهم ويحميهم من تسلط ذوي النفوذ الذين أسقطوا غيرهم، أو أن يستعين بجهة خارجية لإدارتها، إن كان لا يقوى على ذلك، تكون مهمتها مراقبة المباريات والتحقق منها ورفع التقارير إلى المركز الدولي المختص في هذا الجانب بكل شفافية، بعيداً مما يدور خلف المكاتب من عبث. وليس ذلك إلا لإعادة الهيبة إلى المسابقات وعدم الوقوع في الخطأ، ومن يدعي أننا منزهون بحكم حرمة الرشوة والتلاعب دينياً فهو يخدع نفسه، إذ فاحت روائح منتنة كثيرة في قضايا رشاوى رياضية، ولكنها دفنت وتوارى أشخاصها من الوسط الرياضي، وآن أن يقطع دابر هذا الأمر وتغلق نافذته إلى الأبد، لأن السكوت عنهم جرّأ غيرهم على الاتهامات ببيع النتائج، ولعل آخرها مقولة (فيلم الملز الهندي) التي كان عقابها مجرد مبلغ مالي لا يذكر، وبعد نهاية الموسم!
بقي أن نقول إن لهاث الاتحاد السعودي خلف تحسين مركز المنتخب الأول في التصنيف الدولي وجعله هدفاً أولاً لرئيس الاتحاد لن يجدي مالم يطبق داخلياً معايير النزاهة كاملة، ذلك أن «فيفا» كما يقول الرجل سيضع هذه الأمور مستقبلاً ضمن عوامل التقويم، بل إن رأس أولوياته محاربة التلاعب بالنتائج، فماذا أنتم فاعلون أيها الاتحاد المنتخب؟ تنزهوا خيراً لكم.
نقلاً عن الحياة