يدخل مدرب المنتخب الايطالي تشيزاري برانديلي الى مباراة الاحد مع انكلترا في ربع نهائي كأس اوروبا 2012 وقد توصل الى التركيبة التي سيواجه بها “الاسود الثلاثة” حيث سيعتمد على تشكيلة 2-4-4 متغيرة في خط الوسط.
ويخوض “الازوري” مواجهته مع الانكليز بمعنويات جيدة بعدما ظهر بمستوى مقنع وثابت في الدور الاول حيث احرج اسبانيا حاملة اللقب وبطلة العالم (1-1) وخرج بتعادل غير منصف مع الكروات (1-1) قبل ان يتخطى جمهورية ايرلندا (2-صفر).
مع “رومبو” ايطاليا تبدو قوية، و”رومبو” ليس مقاتلا بل يعني الشكل الهندسي لخط وسط المنتخب الايطالي حيث يتكون من اربعة اضلاع بوجود لاعب وسط مدافع امام خط الدفاع ثم جناحين على الجهتين اليسرى واليمنى ولاعب وسط صانع العاب خلف المهاجم.
ومن المؤكد ان خط الوسط الرباعي الاضلاع سيضم “العقل المفكر” اندريا بيرلو ودانييلي دي روسي وكلاوديو ماركيزيو فيما يتنافس تياغو موتا وريكاردو مونتوليفو على الضلع الرابع الذي سيكون خلف المهاجمين انتونيو كاسانو وماريو بالوتيلي الذي من المرجح ان يستعيد مكانه الاساسي على حساب انتونيو دي ناتالي بعد تسجيله هدفا رائعا في مرمى ايرلندا، خصوصا انه يعرف تماما الكرة الانكليزية كونه يدافع عن الوان مانشستر سيتي بطل الدوري الممتاز.
اما بالنسبة للدفاع فسيفتقد المنتخب الايطالي خدمات قلب دفاع يوفنتوس جورجيو كييليني خلال الموقعة المرتقبة بسبب الاصابة التي تعرض لها امام ايرلندا في الجولة الاخيرة من الدور الاول.
واشار طبيب المنتخب الايطالي انريكو كاستيلاتشي الى ان كييليني يعاني من تمزق في فخذه الايمن وبان الطاقم الطبي يعمل جاهدا من اجل مساعدته على التعافي والمشاركة في مباراة نصف النهائي في حال تمكنت ايطاليا من تخطي انكلترا في ربع النهائي.
وسيلجأ مدرب ايطاليا الى زميل كييليني في يوفنتوس وشريكه في قلب الدفاع خلال المباراتين الاوليين امام اسبانيا (1-1) وكرواتيا (1-1) ليوناردو بونوتشي لسد الفراغ امام انكلترا، علما بان الاخير جلس على مقاعد الاحتياط امام ايرلندا بعد عودة زميله الاخر في يوفنتوس اندريا بارزاغلي الى التشكيلة، ودخل في الدقيقة 57 اثر اصابة كييليني.
وسيعول المنتخب الايطالي هجوما على تألق كاسانو الذي كان اكثر اللاعبين ثباتا في مستواه خلال مباريات الدور الاول، وعلى “حس القيادة” التي يتمتع به مهاجم ميلان، وذلك بحسب زميله وقائده في المنتخب الحارس جانلويجي بوفون الذي اشار الى انه يحب جنون هذا اللاعب وطريقته في التعبير وتصرفاته داخل غرف الملابس.
واعتبر بوفون ان كاسانو يشكل قيمة اضافية للمنتخب لا يحسب لها الخصم حسابا لانه يتمتع بصفات القائد داخل ارضية الملعب.
اما بالنسبة لبالوتيلي، فيأمل الايطاليون ان يكون اللاعب البالغ من العمر 22 عاما والذي يعيبه تهوره وطباعه الحادة، قد تحرر من الضغوط بعد ان هز الشباك الايرلندية من اجل مساعدة منتخب بلاده على تخطي الانكليز والوصول الى نصف النهائي للمرة الاولى منذ 2000 حين كان قاب قوسين او ادنى من الظفر باللقب الثاني في تاريخه قبل ان ينجح الفرنسي سيلفان ويلتورد في ادراك التعادل لبلاده في الثواني الاخيرة من المباراة النهائية ثم خطف دافيد تريزيغيه الهدف الذهبي الذي حمل بلاده الى لقبها القاري الثاني.
ومن المتوقع ان يعتمد برانديلي على بالوتيلي في مباراة الغد لانه يريد مهاجما قوي البنية بامكانه ازعاج الدفاع الانكليزي، عوضا عن اشراك المهاجم “الصغير” انتونيو دي ناتالي الى جانب “الصغير” الاخر كاسانو رغم ان هذا الثنائي قام بعمل جيد جدا ضد ايرلندا لكن دفاع انكلترا مختلف تماما عن دفاع الجار الايرلندي.
وسيتوجه بالوتيلي مع زميله في سيتي جوليون ليسكوت الذي اشاد بمهاجم انتر ميلان السابق، قائلا: “انه سريع، قوي، بامكانه ان يخلق شيئا ما من لا شيء كما حال جميع المهاجمين الكبار في هذه البطولة”.
من المؤكد ان برانديلي فرض على المنتخب الايطالي ثقافة مختلفة عن تلك التي عرفها مع المدربين السابقين، اذ جعله اكثر مرونة من الناحية التكتيكية وجعل العالم ينظر بنوع من الصدمة الى ما قام في المباراة الاولى امام اسبانيا…لا احد يصدق بان بلد ال”كاتيناتشيو” يواجه ابطال العالم واوروبا وملوك اللعب السلس والهجوم المتواصل بتشكيلة 2-5-3، لكنه فعل ذلك وقدم فريقه اداء جيدا وكان البادىء بالتسجيل كما انه وصل الى المرمى الاسباني في العديد من المناسبات خصوصا خلال الشوط الاول.
وتجلت المرونة الايطالية “النادرة” في مباراة ايرلندا عندما اعتمد برانديلي على تشكيلة 2-4-4 امام ايرلندا ثم تحولت خلال اللقاء الى 1-3-2-4، او ما يطلق عليه الصحافيون الايطاليون “شجرة الميلاد”، وصولا الى تشكيلة “رومبو” 1-3-2-4 التي من المرجح ان يخوض بها مباراة انكلترا.
كان الهم الاساسي لسلف برانديلي، مارتشيلو ليبي، المحافظة على وحدة المجموعة، ولهذا السبب قام باستبعاد كاسانو وبالوتيلي المشاكسين عن تشكيلة مونديال جنوب افريقيا 2010 لكي يحافظ على انضباط صفوف المنتخب. قد يكون وجود كاسانو وبالوتيلي خطرا على وحدة المجموعة، لكنهما اظهرا بقيادة مدرب فيورنتينا السابق انهما قادران على تغيير مجرى المباراة في اي لحظة خلافا لالبرتو جيلاردينو الذي كان يحلم به ليبي لكي يكون باولو روسي الجديد.
رفع برانديلي شعار التغيير منذ ان استلم منصبه بعد خروج ايطاليا من الدور الاول لمونديال جنوب افريقيا، وبدأ مشواره باستدعاء كاسانو وبالوتيلي، كما ضم اربعة مدافعين جدد من اصل ثمانية الى التشكيلة في مباراته الاولى التي خسرها وديا امام ساحل العاج صفر-1، علما ان سبعة من المدافعين الذين استدعاهم لم يخوضوا اكثر من ثلاث مباريات دولية، اما الثامن فهو كييليني.
كانت خيارات برانديلي بمثابة المخاطرة لكنه نجح في رهانه بعد ان قاد الايطاليين الى نهائيات كأس اوروبا للمرة الخامسة على التوالي والثامنة في تاريخهم من خلال تصدرهم المجموعة الثالث بثمانية انتصارات وتعادلين من اصل 10 مباريات.
صحيح ان برانديلي (54 عاما) لا يعتبر من المدربين الكبار في الكرة الايطالية كونه لم يشرف على اي من العمالقة يوفنتوس وميلان وانتر ميلان، لكن لاعب وسط يوفنتوس واتالانتا السابق تمكن من قيادة المرحلة الانتقالية في المنتخب بشكل ناجح معولا بشكل اساسي على عنصر الشباب.
رسم برانديلي لنفسه اهدافا واضحة المعالم منذ استلامه دفة المنتخب الإيطالي ووضع مدرب فيورنتينا السابق نصب عينيه اعادة البسمة الى جماهير بلاده ليس فقط من خلال النتائج، لكن بفضل اسلوب كروي ممتع وعروض هجومية تسر الناظرين.
“كانت مهمة اعادة بناء الثقة في المنتخب شغلي الشاغل”، هذا ما قاله برانديلي لموقع الاتحاد الدولي لكرة القدم حول مهمته مع “الازوري”، مضيفا “كنت على علم تام بان المهمة ستكون معقدة للغاية”.
ويتحدث برانديلي عن استعانته بلاعبين مثل كاسانو وبالوتيلي، قائلا “اولا وقبل كل شيء، يجب ان يشعران ويقتنعان بأنهما جزء لا يتجزأ من هذا الفريق. صحيح انك تحتاج دائما للاعبين بشخصية قوية ومهارات كبيرة، كما هو شأن هذين اللاعبين، لكن الاهم هو اقناعهما بان مهمتهما الاولى والاخيرة هي خدمة الفريق الوطني”.
وفي معرض رده على سؤال حول ان الاجيال الجديدة لا تملك نفس القدر من المهارة الفنية مقارنة بالنجوم القدامى، قال برانديلي: “ان عملية البناء لا تبدأ على مستوى منتخب الكبار، بل يجب ان تكتمل في فئة الصغار والناشئين. انا واثق من ان الامور تسير على ما يرام، علما بان هذه العملية متعلقة ببرنامج عمل على المدى الطويل ما يستلزم الكثير من الوقت وقدرا كافيا من الصبر”.
ويأمل برانديلي ان يثبت غدا ان سياسته التجددية حققت النجاح من خلال الاطاحة بانكلترا ثم مواجهة المانيا في نصف النهائي وقيادة “الازوري” في نهاية المطاف الى لقبه القاري الثاني بعد لقب 1968.