إعلامياً يقدم التعصب الكروي على نفس الأطباق التي يقدم عليها التطرف الفكري، دون حتى ضمانات مؤكدة لغسل الأطباق! كيف يمكن لنا كسب قناعة جماهير تتحرك بعد الظهر للملعب ولا تخرج منه قبل العاشرة مساء، بأننا نعي ما نقوله حقاً؟! كرة القدم ليست ندوة فكرية، وهي أقرب للعاطفة منها للتدبر، إنها لعبة، وحين نقول عن السياسة مثلاً إنها لعبة، فنحن لا نقصد سوى إهانتها، لكننا حين نقول عن كرة القدم إنها لعبة فنحن نصفها، ونُكرم الطفولة فينا بالمشاركة فيها، والطفل يتعصب لألعابه، ويظل بريئاً، وهو قليل الأذى، الكلمة التي نستخدمها مجازياً للدلالة على أن متابعته مرهقة، ذلك أن كونها مسلية لا يحتاج إلى تلميح! جمهور كرة القدم ليس مجموعة من المتفرجين أو الشهود، هو لاعب أصيل فيها، في كرة المضرب مثلاً نقول: اليوم يلعب “نادال”، في كرة القدم نقول: اليوم نلعب! والذي لا يرى فرقاً بين القولين فاقد بصيرة، نريد جماهير مهذبة تتمتع بروح طيبة، أمر جميل ومطلوب، لكنه مسؤولية البيت: حَسَنُ التربية لن يكسر مقعداً ولن يتردى بلفظ، مهما غضب، أساساً لا يمكن اختبار التربية في غير ساعة غضب، قليل التربية سيجد في كل لحظة أسباباً للشتم والتخريب، “ربوا عيالكم”!
مقالة للكاتب فهد عافت عن جريدة الوطن