تتماوج آراء الوسط الرياضي بمختلف شرائحه حول النظر في قرار زيادة أندية دوري المحترفين الممتاز “دوري عبداللطيف جميل” حيث تأتي الأحكام في غالبيتها انطباعية تتحكم فيها العواطف والمصالح، سواء بالنسبة إلى أنصار الاتفاق الذي يعد قطب الرحى في القرار المنتظر، أو أنصار الأندية الأخرى.
الوسط الرياضي اليوم منقسم على نفسه فثمة من يتعاطفون مع “فارس الدهناء” بكل ثقله التاريخي والبطولي فيذهبون باتجاه رياح الزيادة، وآخرون يرفضون القرار فيذهبون عكسه، حيث يستند بعض منهم في رفضه على مصلحة أنديتهم فقط، وآخرون يعلقون الرفض على مشجب مصلحة الدوري؛ إذ يرون أن في الزيادة إضعافا له وخروجا عن مسار العملية الاحترافية.
تجاوز الأحكام الانطباعية والسير في طريق التحليل المبني على الوقائع والرؤى المنطقية وحده من يجلي الضبابية عن الصورة ويعطي أحكاماً منطقية؛ حتى أكاد أجزم أنها ستكون دافعة لقبول فكرة الزيادة، كمطلب احترافي، وليس عاطفياً، كما يتصور الرافضون للقرار.
أول هذه الحقائق التي ترجح الزيادة تكمن في أن الدوري السعودي الممتاز الذي يلعب فيه 14 نادياً يعد مخلاً بتركيبة الأندية السعودية التي يصل عددها إلى 153 نادياً، ما يعني أن نسبة الأندية التي تلعب في “دوري الكبار” لا تتجاوز 9% وهي نسبة غير عادلة أبداً، خصوصاً إذا ما نظرنا لعدد الأندية أو نسبتها سواء في دول القارة الأوربية، أو دول القارة الآسيوية، أو حتى على المستويين العربي والخليجي.
دوريات بحجم الدوري الانجليزي والاسباني والايطالي يلعب فيها 20 نادياً، ودوريات آسيوية كالدوري الياباني يلعب فيها 18 نادياً، أما الدوري الإيراني فيلعب فيه 16 نادياً، ومثله العراقي 16 نادياً، أما على الصعيد العربي فالدوري المصري يتنافس فيه 22 نادياً، والدوري الجزائري ومثله التونسي يلعب فيهما 16 فريقاً، بل حتى خليجياً وعلى رغم قلة الأندية فيها فيتواجد في دوريات الإمارات وقطر والكويت 14 نادياً.
الحقيقة الثانية إن زيادة عدد الفرق يقابلها زيادة في القوة الاستثمارية للأندية إذ أن متوسط إيرادات الأندية في دوري المحترفين يصل نحو 14 مليون ريال، وهو بطبيعة الحال ينعكس على كل الأمور الاحترافية في النادي على عكس دوري الدرجة الأولى حيث لا يتجاوز متوسط إيراداته للنادي 3 ملايين ريال، وبذلك فإن المردود سيعود على قوة الدوري وبالتالي على المنتخب الوطني.
الحقيقة الثالثة تؤشر على أن زيادة الأندية سيقابلها ارتفاع في قيمة الدوري السعودي استثمارياً إن على مستوى عقود الرعاية والإعلان بالنسبة للدوري وكذلك الأندية، أو النقل التلفزيوني، وأيضاً في إيرادات الأندية من الدخل الجماهيري وغيرها من أمور أخرى حيث ستتوسع قاعدة الاستثمار بمختلف أشكاله.
الحقيقة الرابعة أن زيادة فرق الدوري الممتاز بفريقين يستتبعها زيادة لفرق أندية الدرجتين الثالثة والثانية، ما يعني ارتفاع قيمة المنافسة ليس في القمة بل حتى في القاع وعلى أكثر من صعيد، وقد لمسنا هذا الموسم مساحة الاهتمام بدوري “ركاء” بسبب ارتفاع مستواه الفني ووتيرة المنافسة فيه، ما جعله بيئة حاضنة للاستثمار.
أعلم تماماً أن في مقابل هذه الإيجابيات ثمة سلبيات أخرى لكنها تتمحور في ضغط روزنامة الدوري، وبعض الأمور المالية التي ستكون طارئة في الموسم الأول فقط، غير أن ذلك سنفرج في المواسم التي تليه ليصبح لدينا دورياً يليق بقيمة الكرة السعودية التي تبحث عن نفسها في طريق الاحتراف الحقيقي.
مقال للكاتب محمد الشيخ – الرياض