إذا أردت أن تقيس مدى إيمان مؤسسةٍ ما بأهدافها فإن سبيلك الوحيد هو معرفة رؤيتها التي تتبنّاها !
هناك فرق بين أن تكون رؤيتك ” الارتقاء بألعاب الفروسية وتكثيف ممارستها محلياً والوصول بها إلى العالمية وتشجيع الأندية والهيئات على اقتناء وإنتاج وتدريب الخيل لأغراض ألعاب الفروسية وتوعية المجتمع بأهمية الفروسية وتاريخها وانجازات المملكة تاريخيا في هذا المجال” وبين أن تكون ” ترسيخ قطر والاتحاد القطري كمصانع حقيقية للفروسية من خلال تقديم أفضل الخدمات لتحقيق أفضل النتائج وطنياً، وإقليمياً ، وعالمياً ” .
في الحقيقة إن محاولة الارتقاء ليست كافية، واعتبار الفروسية لعبة لا يوحي بالجدية أبداً ، ومجرد التشجيع ليس أمراً منصفاً لما نملكه من تاريخ فروسي ، ولا عادلاً لما يمتلكه فرساننا من إمكانيات مبهرة وطموح لا يمكن لأحد أن يوقفه سوى استمرار التهميش الذي يُمارس على أحلامهم !
الإيمان بالفروسية هو الوحيد الذي يجعل المسؤولين يأخذونها على محمل الجد -وليس مجرد لعبة- ليعتبروا أنفسهم مصانع حقيقية للفروسية يدركون تماماً أن تقديم أفضل الخدمات هو السبيل الوحيد لتحقيق أفضل النتائج وليكتمل الحلم يجب أن يكون السعي لتحقيق النتائج على اختلاف مستوياتها له قاعدة محلية على أساسها تقوم صناعة الإنجازات إقليمياً وعالميا ً على التوازي دون التركيز على مستوى وإهمال مستوى آخر وليس باتباع اسلوب “فروسية الهرم المقلوب ” !
هذا على صعيد الرؤية، أما على صعيد التنفيذ فقد كان الالتزام حاضراً لدى الاتحاد القطري بكل ما كان قد تعهد به عندما أخذ على عاتقه أن يكون “مصنعاً حقيقياً للفروسية ” إذ يمتلك الاتحاد القطري للفروسية اسطبلاتٍ مجهزة على نحوٍ يُضاهي المستويات العالمية تضم عياداتٍ بيطرية قادرة على استقبال 30حالة يومياً ،في حين أن لدينا مستشفى واحد “غير تابع للاتحاد” عليك أن تكون محظوظاً لتحصل لجوادك موعداً بعد شهر! ، كما تضم أروقة الاتحاد القطري للفروسية أيضاً ورشة الحذاي النشيطة بدوامين يومياً وتفاصيل كثيرة كانت قادرة على صناعة الفرق لتكون الاسطبلات قادرة على استضافة 400جواداً منها 120 جواداً يملكها الاتحاد القطري ،في حين أن منتخبنا الوطني يعاني منذ مدة طويلة من نقص الجيد التي لم يتجاوز عددها يوماً أصابع اليد !
ربما كان اختيار الاتحاد القطري للفروسية كنموذجاً للمقارنة نتيجةً طبيعية لما يقدمه مؤخراً من نقلة نوعية على مستوى الفروسية ، لكن من تعنيه الفروسية السعودية سوف يوجعه أن يراها تقف مكانها ، ومن يعنيه تاريخنا الفروسي سوف يؤلمه كثيراً أن نقارنه بمن استيقظ من سباته ليقرر أن يكتب المستقبل ويترك النسيان يعبث بصفحات التاريخ، ومن يعنيه أحلام شباب هذا الوطن من الفرسان سوف لن يقبل أن يقف مكتوف اليدين دون أن يحرك ساكناً.
قد يكون منهج المقارنة تقليدياً إلاّ أنه وإن كان جارحاً فهو مجدٍ على الأغلب ، فمن يصفقون لأخطائنا لا يفعلون شيئاً سوى أنهم يسرقون منّا الفرص لإعادة النظر فيها وإصلاحها ، أما من يضعونا أمامها فهم يضغطون على مواضع الألم ،ورغم قسوتهم إلّا أنهم سوف يدفعونا لعلاجه !