يعلَمُ المؤمنُ يقينًا أن الدعاء عبادةٌ لا تُصرَف إلا لله وحدَه , فهو الذي يملِك الضُّر و النفع , قال تعالى:( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُم يَرْشُدُونَ) سورة البقرة . فالله قريبٌ من عِباده المؤمنِين, و أوليائِه الصالحِين ,و لكن إجابة الدعاء قد تتَحقَّقُ أو تتأخَّر, أو لا تتحققُ لحِكَمٍ لا يعلَمُها إلا الله تعالى. و إن المسْلمَ المتأمِّلَ و المعتبرَ في القَصَصِ القرآنيّ عامة , يرى أن الله تعالى قد ِابتلى أنبياءَه , فصبرُوا و احتسَبوا الأجر و الثواب , وأخلُصُوا في الدعاء , فاستجاب الله لدعائِهم , فقد نجَّى اللهُ نوحًا عليه السلام من ظُلْم قومه , قال تعالى:(وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ) سورةُ الأنبياء,. و استجاب الله دعاء نبيِّه أيوبَ عليه السلام , فكشَف عنه ضرّه’ قال تعالى : (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ) سورة الأنبياء , و استجاب الله تعالى دعاء نبيِّه يونسَ عليه السلام , فنجّاه الله من بطن الحُوت في ظلمة الليل , في ظلُمات البحر, قال تعالى: ( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) سورة الأنبياء. و للدعاء آدابٌ قَيِّمة كثيرةٌ قد يسَّرها الله لعباَده المؤمنين؛ كي يفتَح لهم أبواب الأجر و الخير. لذلك ينبغي للمسلم أن يتحلّى بها ,حتى يُستجاب له كالإخلاص لله تعالى, و يجزِم في الدعاء و يتوكل على الله تعالى و لا يتواكل , فيقول: دعوتُ ودعوت و لم يستجبْ لي , بل يستمرُّ في الدعاء في الشدة و الرخاء, و استحضار الجوارح في الدعاء ,وهو موقِنٌ بالإجابة ويبتعد عن كل ما يمنَع استجابة الدعاء ,ويحرِصُ على كثرة الاستغفار و التقرب إلى الله بالصالحات, و شكر الله تعالى على نعمه , و يتخيّر الأوقات أو الأوضاع الكثيرة التي يستجاب فيها الدعاء كجَوف الليل الآخر , قال صلى الله عليه وسلم:( إن في الليل ساعةً لا يوافقها مسلمٌ يسألُ خيرًا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه وذلك كل ليلة) رواه مسلم , وساعة يوم الجُمُعة ,قال صلى الله عليه وسلم: ( فيه ساعة لا يوافقُها عبدٌ مسلم قائمٌ يصلِّي يسأل الله تعالى شيئًا إلا أعطاه إياه ) وأشار بيده يقللُها) رواه البخاريُّ .وعند وقوع المصيبة يقولُ:( إنا لله إنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرًا منها ), وفي السجود قال صلى الله عليه وسلم أقرَبُ ما يكون العبدُ من ربه وهو ساجد ٌفأكثروا الدعاء ) رواه مسلم.والدعاء عند الاستيقاظ منَ الليل. و اعلم ـ أخي المسلم ـ أن الله جلَّ جلالُه غني عن عباده أجمعين , فلا تنفعُه طاعةُ الطائعين , و لا تَضرُّه معصيةُ العاصِين , و الله عزيزٌ ليس بحاجة إلى الدعاء , بلِ العباد هم الذين بحاجة إلى الاستجابة والدعاء.
الدعاءُ خيرٌ وأجْرٌ !
3 أكتوبر 2018 ــ 11:45 م | عبدالعزيز السلامة
الرئيسية - مقالات الكتاب - الدعاءُ خيرٌ وأجْرٌ !