الدعاءُ خيرٌ وأجْرٌ !

يعلَمُ المؤمنُ يقينًا أن الدعاء عبادةٌ لا تُصرَف إلا لله وحدَه , فهو الذي يملِك الضُّر و النفع , قال تعالى:( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُم يَرْشُدُونَ) سورة البقرة . فالله قريبٌ من عِباده المؤمنِين, و أوليائِه الصالحِين ,و لكن إجابة الدعاء قد تتَحقَّقُ أو تتأخَّر, أو لا تتحققُ لحِكَمٍ لا يعلَمُها إلا الله تعالى. و إن المسْلمَ المتأمِّلَ و المعتبرَ في القَصَصِ القرآنيّ عامة , يرى أن الله تعالى قد ِابتلى أنبياءَه , فصبرُوا و احتسَبوا الأجر و الثواب , وأخلُصُوا في الدعاء , فاستجاب الله لدعائِهم , فقد نجَّى اللهُ نوحًا عليه السلام من ظُلْم قومه , قال تعالى:(وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ) سورةُ الأنبياء,. و استجاب الله دعاء نبيِّه أيوبَ عليه السلام , فكشَف عنه ضرّه’ قال تعالى : (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ) سورة الأنبياء , و استجاب الله تعالى دعاء نبيِّه يونسَ عليه السلام , فنجّاه الله من بطن الحُوت في ظلمة الليل , في ظلُمات البحر, قال تعالى: ( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) سورة الأنبياء. و للدعاء آدابٌ قَيِّمة كثيرةٌ قد يسَّرها الله لعباَده المؤمنين؛ كي يفتَح لهم أبواب الأجر و الخير. لذلك ينبغي للمسلم أن يتحلّى بها ,حتى يُستجاب له كالإخلاص لله تعالى, و يجزِم في الدعاء و يتوكل على الله تعالى و لا يتواكل , فيقول: دعوتُ ودعوت و لم يستجبْ لي , بل يستمرُّ في الدعاء في الشدة و الرخاء, و استحضار الجوارح في الدعاء ,وهو موقِنٌ بالإجابة ويبتعد عن كل ما يمنَع استجابة الدعاء ,ويحرِصُ على كثرة الاستغفار و التقرب إلى الله بالصالحات, و شكر الله تعالى على نعمه , و يتخيّر الأوقات أو الأوضاع الكثيرة التي يستجاب فيها الدعاء كجَوف الليل الآخر , قال صلى الله عليه وسلم:( إن في الليل ساعةً لا يوافقها مسلمٌ يسألُ خيرًا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه وذلك كل ليلة) رواه مسلم , وساعة يوم الجُمُعة ,قال صلى الله عليه وسلم: ( فيه ساعة لا يوافقُها عبدٌ مسلم قائمٌ يصلِّي يسأل الله تعالى شيئًا إلا أعطاه إياه ) وأشار بيده يقللُها) رواه البخاريُّ .وعند وقوع المصيبة يقولُ:( إنا لله إنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرًا منها ), وفي السجود قال صلى الله عليه وسلم :( أقرَبُ ما يكون العبدُ من ربه وهو ساجد ٌفأكثروا الدعاء ) رواه مسلم.والدعاء عند الاستيقاظ منَ الليل. و اعلم ـ أخي المسلم ـ أن الله جلَّ جلالُه غني عن عباده أجمعين , فلا تنفعُه طاعةُ الطائعين , و لا تَضرُّه معصيةُ العاصِين , و الله عزيزٌ ليس بحاجة إلى الدعاء , بلِ العباد هم الذين بحاجة إلى الاستجابة والدعاء.

7