من سِماتِ بلادنا الغالية منذ أن أرسى قواعدها المؤسس الباني أنها تفتخر بقيَمها النبيلة ومبادئها السامية ,و تعتز بقادتها وولاة أمرها المخلصين, وتتباهى بقوة اللُّحمة بين الراعي والرعية ,والرئيس والمرؤوس, و تسعى جاهدة إلى تحقيق الأهداف التي تكفل ترابط المجتمع و تقوية الوشائج , وتبتعد عن كل ما يثير الحقد والكراهية, ويكَدِّر صفوَ المجتمع في جميع الميادين و المجالات. ومنها: الرياضة التي خطت خطوات رائدة في هذه البلاد, وتركت بصماتٍ جيدة ,وخرّجت نجوما مشرقة أبدعت وأمتعت في التاريخ الرياضي! وما كان ذلك ليكون إلا بأسباب الجهود المتواصلة من هذه الدولة المباركة, و اهتمامها بالرياضة والشباب ,و تقديم الدعم المادي و المعنوي لهم ؛ حتى و صَلت الرياضة السعودية العالمية بكل فخر و اقتدار.ولكن مما يرْثيه الحال النفسي و المقال الرياضي , و الذي أصبح صورة خاطئة في حَق الوطن هو: التعصّب والعصَب الرياضي والتشجيع الخاطئ لدى بعض الجماهير, والذي أخَذ ينتشر بازدياد شديد كانتشار النار في الهشيم, والشدّ والمَدّ والتوتر النفسي والأخذ والرد بالكلمات النابية الجارحة! والكتابات والرسوم التي يرفضها العقل السليم, وتنافي المبادئ الطيبة! لاسيما المنافسات الرياضية الحاسمة! والتي تبتعد كثيرا عن الأخلاق والروح الرياضية , فتُردِّد بملْء أفواهها: الروح الرياضية! والرياضة قيَم وأخلاق!بينما الواقع والسلوك الرياضي يخالف تلك القوانين والمبادئ النبيلة. فرَسم ذلك التشجيع الخاطئ من بعض الجماهير غير الواعية صوَرا سيئة للوطن و الرياضة في بلادنا. قال تعالى:( وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم.وقال صلى الله عليهِ وسَلّم:( إن من خياركم أحسنكم أخلاقًا) متفق عليه. وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:( إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحْسَنُكُمْ أَخْلاقًا ، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ الْمُتَشَدِّقُونَ) قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ ,مَا الْمُتَشَدِّقُونَ ؟ قَالَ:( الْمُتَكَبِّرُونَ) رواه الترمذي .وقال صلى الله عليهِ وسَلّم:( إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا ؛حتى لا يبغي أحد على أحد، ولا يفخر أحد على أحد) رواه مسلم . فالجمهور الرياضي , ينتسب لهذه البلاد الغالية ,ويمثّل اسم الوطن , و الإسلام رسالة وأخلاق , حثّ على السجايا الحسنة و مكارم الأخلاق. لذلك ينبغي على الجماهير أن تتقيدَ بالتشجيع الرياضي السليم , وأن تلبِّي تلك الغرائز الرياضية بالتشجيع الحضاري , وأن تتحلّى بالقيَم الفاضلة , و الصفات الحسنة , وأن تطبِّق هذه المبادئ بالسلوك , و تبتعد عن التعصب الرياضي الأعمى الذي شحَن القلوب بالكراهية , و غيّر الطبائع والنفوس, فكانت نتائجه السيئة على الرياضة و الجماهير و الوطن .فالجماهير الواعية هي التي تبتعد عن هذا التعصب سواء كان تصرفاتٍ سلوكيةً سيئة في المنافسات الرياضية أو قولية بالألفاظ النابية و التهكم والاستهزاء بالآخرين .فالأخلاق هي الجماهير! و الجماهير هي الأخلاق! والشاعر يقول : إنما الأمم الأخلاق ما بقيَت* فإن هم ذهبَت أخلاقهم ذهبوا. واعلم ـ أخي الرياضي ـ أن الرياضة وسيله تربوية هادفة تزَود الإنسان بالقيَم و السجايا الطيِّبة , و تنَمِّي روح التنافس المحمود بين الأندية والجماهير, و تزْرع بينهم روح المحبة والتعاون و التعارف؛ كي تحصدَ خيرا. و الإعلام الرياضي بأقسامه , و تعدُّد مسمَّياتِه المقروء والمرئِي والمسموع له دوره الرِّياديّ في توجيه الرياضة عامة وجماهيرها خاصة إلى الأفضل؛, بما يقدّمه من برامجَ رياضيةٍ متنوعة هادفةٍ ! أو مقالات و تحليلات صحفية , ومتى خرَجت هذه الوسائل في موضوعاتها عن النقد الرياضي الهادف الجيد اشتدّ التعصب الجماهيري, وذلك من خلال تحيز الإعلام الرياضي لبعض الفرق دون غيرها, أو عن طريق النقد و التحليل غير الهادف , أو الاهتمام ببعض اللاعبين وإغفال الآخرين. وإذا كان الإعلام الرياضي هادفا متوازنا في برامجه و مقالاته , صائبا في نقده و تحليلاته الرياضية , أو قريبا من الصواب, كان له الأثر الطيب بامتصاص الضغوط النفسية لدى الجماهير التي جلبَت معها الأمراض و الهموم و الأحزان! و كانت سمة بارزة للجمهور غير الواعي , والتشجيع غير الحضاري.
التعصُّبُ الرِّيــاضيّ!
2 أكتوبر 2018 ــ 1:11 ص | عبد العزيز السلامة
الرئيسية - مقالات الكتاب - التعصُّبُ الرِّيــاضيّ!