إن المتأمل لعبارتي هذه يعتقد اعتقادا جازما أنها نوع من التعرض لولاة أمرنا يحفظهم الله بالسب والتنقص ولكنها في الحقيقة التي ربما يجهلها كثير من الناس واقعاً نمارسه في حياتنا اليومية لا يحس بها إلا من عرف وقرأ ودرس واقع حكامنا دراسة تبعث على الوطنية الحقة لا مجرد رفعاً للأمية واكتساباً لقشورٍ من المعارف فحسب بل إن حكام مملكتنا الغالية منذ جدهم الأول مانع المريدي رحمه الله وحتى يومنا هذا مع سلمان الحزم ومحمد العزم نجدهم يؤصلون لمبدأ العدالة لا المساواة ومن العدالة إعطاء كل ذي حق حقه عدلاً لا مساواة بين ضعيف وقوي وذكر وأنثى وغيرهم ولعل آخرها ما فعله سمو سيدي ولي العهد وفّقه الله وحفظه بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله بالسماح للمرأة بقيادة السيارة شأنها شأن غيرها من نساء العالم فحق لها الفخر بهكذا قيادة وهكذا حكام
قال أبو فراس الحمداني :
نحن أناس لا توسط بيننا
لنا الصدر دون العالمين أو القبرُ
تهون علينا في المعالي نفوسنا
ومن يخطب الحسناء لم يغلها المهرُ
أعز بني الدنيا وأعلى ذوي العلا
وأكرم من فوق التراب ولا فخرُ
إن هذا القرار يستوجب على الجميع دعم هذا القرار حالاً ومقالاً فعلى المرأة أولاً شكر هذا القرار بالاحتشام واحترام نفسها حتى ينعكس ذلك على من يقابلها خاصة ضعاف النفس والدين كفانا الله ونساءنا شرهم ثم على المجتمع ثانياً باحترام هذا القرار بالكف عن الاستهزاء والتنقص من شأن من تقود سيارتها بنفسها بعد إقرار ذلك من علماء المملكة وكبار مفتيها بل قد يصل الأمر عند بعض الجهلة بالتطاول على ولاة الأمر من حيث يعلم أو لا يعلم لتحقيق أجنداتٍ أجنبية حاقدة تتحين الفرص للنيل من هذا البلد واستقراره حكومة وشعبا وأمنا ويطال استهزاءهم ولاة الأمر غيبة وتنقصا واسترسالاً في المعصية
وقد قال الإمام ابن عثيمين رحمه الله في لقاء الباب المفتوح 120 :
غيبة ولاة الأمور محرمة من وجهين:
الوجه الأول: أنها غيبة مسلم،
وقد قال الله تعالى : ﴿وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً﴾ [الحجرات:12].
الوجه الثاني: أن غيبة ولاة الأمور يترتب عليها من الشرور والفساد ما لا يترتب على غيبة الرجل العادي؛ لأن الرجل العادي إذا اغتيب فإنما عيبه على نفسه، لكن ولي الأمر إذا اغتيب لزم من ذلك كراهة الناس له، وتمردهم عليه، وعدم تقبل توجيهاته وأوامره، وهذه مضرة عظيمة توجب الفوضى، وربما يصل الحال إلى القتال فيما بين الناس.
ولله در أمير الشعراء أحمد شوقي عندما قال :
هَذا زَمانٌ لا تَوَسُّطَ عِندَهُ
يَبغي المُغامِرُ عالِياً وَجَليلا
كُن سابِقاً فيهِ أَوِ اِبقَ بِمَعزِلٍ
لَيسَ التَوَسُّطُ لِلنُبوغِ سَبيلا
ختاما أسأل الله العلي القدير بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يحفظ علينا وطننا وولاة أمرنا
وشعبنا وأن يديم علينا عزه وأمنه وأمانه
وأن ينصر جنودنا على الحد الجنوبي ويردهم سالمين غانمين عاجلا غير رائف
وأن يكبت عدونا ويشفي غيظ صدورنا منه
هو ولي ذلك والقادر عليه فنعم المولى ونعم النصير ..
كتبه
د عبدالله العلي الطعيمي
عضو هيئة التدريس في جامعة الإمام
محمد بن سعود الإسلامية في الرياض