عبدالله بن حمود البازعي من أسرة البازعي التي تنتمي الى بلدة الربيعية في القصيم – تقع ٢٥ كيلو الى الشرق من مدينة
بريده – ولهذا البلدة حضور في أحداث وتاريخ الدولة السعودية وكان لهذه الأحداث أثر على تكوين شخصية عبدالله البازعي، حيث عسكر فيها الأمير عبدالله ابن الامام فيصل ال سعود ١٢٧٧هـ واتخذ منها
مقر لعملياته العسكرية والحربية.
وكانت بداية بروز عبدالله البازعي إبان توليه إمارة الربيعيه سنه ١٣٠٨هـ، و حينما تولى إمارتها عمل على تحصينها وبنى فيها مرقباً عسكرياً فوق أحد مرتفعاتها، وشيد قصراً كبيراً محاط بسور عالي ومقاصير حربية، وذلك بسبب الصراعات التي كانت دائرة حينها وفي ظل حالة عدم الاستقرار السياسية حينها.
وعندما احتد الصراع وقبل معركة الصريف المشهورة (١٣١٨هـ) قام أمير الربيعية عبدالله البازعي بتقديم جميع ما لديه في بيت المال الخاص بالربيعية والشماسية والنبقية إلى الأمام عبدالرحمن الفيصل ال سعود، وذلك مساندة ومشاركة في الحرب التي كانت بقيادة أمير الكويت مبارك الصباح ومعه الأمام عبدالرحمن الفيصل ال سعود وأهل نجد.
وبعد إنتصار ابن رشيد في تلك المعركة، تفرغ للإنتقام من أهل القصيم لوقوفهم ضده ومن الذين تم القبض عليهم ( الربدي والجربوع والمسفر وغيرهم).
وفي خضم تلك الأحداث قام ابن رشيد بالقبض على عبدالله البازعي، وفرض عليه فديه مقدارها( خمس وعشرون ألف فرانسي)، مقابل ما قدمه من بيت المال إلى الامام عبدالرحمن الفيصل وانحيازه مع ال سعود، مع تهديده بالانتقام بالقتل في حال عجزه أو تاخره عن دفعها.
وكانت الفديه كبيرة جداً وفق معطيات ذلك الوقت، يصعب توفيرها بالأخص في تلك الأيام الغير مستقرة سياسياً، وعاد البازعي إلى قصره مهموماً يخشى انتقام ابن رشيد ولكنه قام بمواجهة هذا الموقف العصيب بكل إيمان وقوة وعزيمة وصبر وعليه قام بالإقتراض من تجار بريدة، مقابل رهن أملاكه ومزارعه.
كما ساعده أهل الربيعية والشماسية والنبقية بالإضافة إلى عدد من البلدات المجاورة واستطاع بتوفيق من الله الخروج بأعجوبة من هذا الموقف الجلل واستطاع تسليم مبلغ الفديه كاملا بالوقت المحدد.
وبعد معركة الصريف وما حدث فيها من انتصار لابن رشيد، وما أعقبها من انتقام ضد أهالي القصيم الذين انضموا الى الامام عبدالرحمن الفيصل
حيث كثر القتل والتعذيب ضد أهل القصيم، فلا يوجد بيت من بيوتهم الا وفيه قتيل أو جريح وكان هذا الظلم هو بداية نهاية حكم ال رشيد
الا أن هذا لم يثنه اويؤثر على موقف عبدالله البازعي تجاه الصراع السياسي والعسكري حينها واستمر في الوقوف والعمل مع الملك عبدالعزيز ضد ابن رشيد.
وبعدها تسارعت الأحداث، فقد
استعاد الملك عبدالعزيز الرياض سنة ١٣١٩هـ، ثم أخذ يتوسع فيما جاورها، ثم تطلع إلى ضم القصيم، وقد توافقت تطلعاته مع رغبة أهل القصيم، فكانت هذه التطلعات وهذه الرغبة فاتحة خير لأهل القصيم، حيث أقبل الملك عبدالعزيز بجيشه وإنضم إليه أهل القصيم. وشارك عبدالله البازعي وجماعته من أهالي الربيعية بعدد من المعارك مثل (معركة الشنانة) و(معركة الطرفية)
الا أن المعركة الحاسمة كانت معركة روضة مهنا سنة ١٣٢٤هـ التي وقعت شرق الربيعية، وانتهت بمقتل عبدالعزيز ابن رشيد وكانت تعتبر من المعارك الهامة والمفصليه بالقصيم أدى ذلك الانتصار إلى فتح الطريق
أمام الملك عبدالعزيز لإكمال مسيرة التوحيد. وكان أمير الربيعية عبدالله البازعي وأهاليها مشاركين في هذه المعركة وهم من أول من استقبل واحتفى بالملك عبدالعزيز بعد المعركة.
وكان من تقديرالملك عبدالعزيز لعبدالله البازعي، أنه حين حضر إلى بريدة للتجهيز لغزوا جراب سنه ١٣٣٣هـ دعاه عددا من أمراء القصيم لزيارتهم في بلدانهم وكان عبدالله البازعي ضمن الموجودين قال لقد سبقكم
الى الدعوة البازعي واثنى عليه وامتدحه.
والعجيب والضريف في هذه المادبة التي حضرها جمع كبيره من الناس من مختلف بلدات القصيم أن البازعي تفاجى بأن القمح لا يكفي وأمام هذا المأزق وصلته المشورة الحكيمة بأن موسم الحصاد في
نهايته والسبل أخضر فكان الأقتراح
أن يحمص السبل الأخضر على المقارص حتى ينضج وعليه تفازع أهل الربيعية وتم قَص السبل وتحميصة وإعداد المأدبة وحين جلس الملك عبدالعزيز على المأدبة نالت استحسانه وأعجبه وخاصة انها طريقه جديدة في طهى العيش وغير معتادة ذات طعم مميز وسأل
هل كل الطعام مقدم بهذه الطريقة ؟
وقبل معركة السبله التي حدثت سنة ١٣٤٧هـ توجه الموحد للقصيم ومر بالربيعية ومكث في
الربيعيه عدة أيام. وشارك البازعي والأهالي بمعركة السبله .
كما شارك شعراء الربيعية كاشاعر الحرب المعروف العوني تهنئه الملك عبدالعزيز بالانتصار بتلك المعركة
وهو صاحب قصيد الخلوج المعروفة.
واستمرت العلاقة السياسية والعسكرية بين عبدالله البازعي والملك عبدالعزيز في تلك الفتره الحرجة والمؤثرة وهذا ما تظهره المكاتبات الموجهة من الملك عبدالعزيز إلى عبدالله البازعي والتي تدل أن العلاقة وطيدة ومبنية على ثقة عالية ومن الأمثلة على هذه المكاتبات هذه الوثائق :
١- خطاب مؤرخ في ١٦شوال ١٣٣٥هـ
٢-خطاب مؤرخ في ٣رجب ١٣٤٣هـ
٢- خطاب مؤرخ في ١٣ ربيع الاول ١٣٤٤هـ
وهذا الرجل صاحب المكارم ظلت أملاكه مرهونة حين وفاته بسبب الفديه التي فرضت عليه لموقفه في معركة الصريف وانقطعت أملاكه بالرهن. ولكن مواقف الرجال المشرفة والتاريخ العطر والسمعة الحسنة أهم من الأموال.
توفي هذا الفارس الكريم عن عمر ناهز ٦٥سنة عام١٣٥١هـ، ودفن ببلدته الربيعية، وفقدت المنطقة واحداً من أبرز رجالاتها المميزين وأحد أصحاب الرأي الرشيد وأحد أصحاب المواقف المشرفة في مرحلة التاسيس وأحد باذلي الخير والإحسان فقد أحبه الجميع من قادة ومواطنين.