وصل البعض في الوسط الرياضي درجة من التعصب لم يسبقهم إليها أحد، فبدت منهم مغالاة ومبالغة فيما يبتون فيه أو ما يتحدثون به، حتى نجد أن البعض يخفي تعصبه خلف ستار لا يمت للواقع بصلة، بالنسبة لي لا أملك أي مشكلة في أن يميل المسئول لأي نادي أو فريق، بل المشكلة العظمى عندما يقحم تعصبه هذا في صميم عمله دون اكتراث بمن هم حوله أو بالمعنيين بنتاج تلك الأعمال،سواء كان عمله داخل أو خارج الوسط الرياضي فلا شيء يعطيه الحق في إقحام ميوله الخاص في العمل، بل من المفترض بالأشخاص الذين لا يستطيعون فصل خصوصياتهم ومشاكلهم وعاطفتهم عن مهامهم الوظيفية لا يتوجب عليهم الارتقاء لمناصب هم ليسوا أهل لها، والاعتذار عنها واجب أخلاقي تحتمه ظروف العمل، وبذلك لا يعرضون أنفسهم ولا غيرهم للإحراج جراء تلك العواطف والميول.
أقرب مثال على ذلك ما حدث للزميلين المعلق محمد غازي صدقة وعدنان حمد جراء التعصب الرياضي الذي أودى بالأول بعيداً عن مباريات النادي الأهلي والآخر تلقى خطاباً حاد اللهجة بعدم تكرار إطلاق لقب الملكي على النادي الأهلي.
من أعطى ذلك المسئول الحق بأن يمثل قناة تلفزيون حكومية ليفرض ميوله الخاص على توجهات القناة وعلى العاملين بها؟ وماذا يسمى منع معلقين رياضيين من إطلاق عبارات ما أو تسميات معينة على أي نادي رونها هم من وجهة نظر شخصية، أيفعل ذلك فقط كونه يرى أن النادي الذي يكن له بالولاء يستحق ذلك اللقب!. وماذا نسمي السكوت عن معلقين طالما علموا أبنائنا أنواع شتى من السب والقذف والشتم إثر تفاعلهم مع أنديتهم المفضلة، لم نسمع يوماً ما باستبعاد ذلك المعلق الذي وزع علانية شتى أنواع السب واللعن في مباراة نادي الهلال ونادي العين الإماراتي لحكم لا ذنب له سوى أنه لم يتحسب خطأ ليس مستحقاً من ناحية القانون الرياضي بل من وجهة نظر شخصية للمعلق، تناسى بأنه في وضع الحياد وأن أطفالنا يقبعون خلف التلفاز وأنه في وضع صفة المعلم التي هي أبعد من أن يتحلى بها.
إن تهديد العاملين في أي وسيلة إعلامية لا يتعدى كونه مصادرة لحريات شخصية، سيما أن ما قاله المعلقان لم يخدش حياء أو يمس أمن واستقرار الدولة أو أنظمتها بسوء، سيما أن حق حرية التعبير للعاملين في وسائل الإعلام كفله القانون السعودي وأيده مولاي خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ورعاه شفهياً، ومخالفة ذلك لا تخرج عن كونها مخالفة لنظام دولة، ناهيك أن لها عقوبة رادعة أقرها القانون على كل من يحاول إلجام أو مصادرة حقوق الغير دون مرجع قانوني يعتد به، بل لأهواء شخصية، وما بالك إذا كانت هذه هي الأخلاق التي يتحلى بها القائمين على قناة تبث فكرها لشعب، فماذا نتوقع أن يتبقى للشارع! ولا أقول غير أن من أمن العقاب أساء الأدب.
بالرغم من أن كلمة الملكي محل خلاف بين بعض الأندية لكنها ليست حكر على نادي بعينه كالأهلي أو الإتحاد أو الهلال، قدرما هو لقب أول من تغنى به هم محبون النادي الأهلي على مر الأيام والأدلة والبراهين التي تثبت ذلك كثر، والغريب أن الاندية الأخرى لم تكترث بذلك اللقب إلا بعدما ابتعدت أنديتهم عن خارطة المنافسات على البطولات، فودوا أن يشغلوا جماهيرهم بمهاترات لا محل لها من الإعراب في عالم البطولات من مجال سوى أنهم أرادوا إشغال الجماهير عن الالتفات لناديهم وعدم المناداة بالعمل على إصلاح الخلل القائم.
أناشد جميع الجماهير الزرقاء صغيرها قبل كبيرها أن تتحلى بالفطنة التي وصف بها المسلم رسول الأمة صلى الله عليه وسلم عندما قال “المؤمن كيس فطن”، خير لها من أن تلهث خلف سراب لا يُطال، بل أن من الأفضل لها أن تناشد مسئولي ناديها بالعمل على إصلاح فريقهم، فمنذ متى كانت الألقاب تجلب البطولات، ولو كانت كذلك لسعت كل أندية العالم خلفها.
تعجبني إدارة نادي الفتح التي تعد مثلاً يحتذى به في عالم المستديرة، حيث أنها لا تكترث لمثل هذه التفاهات، بل تولي جل أهتمامها لما هو أعظم، وكلنا يعلم أنها بدأت من الصفر عندما صعدت بفريقها من دوري الدرجة الأولى إلى دوري الأضواء بل يجير لها حفاظها على خططها المعدة سلفاً التي أوصلتها مؤخراً لمقارعة الأربعة الكبار لدرجة أنه أحتل مؤخراً مركز الصدارة في دوري زين.