كان من الطبيعي أن يعتزل النجم الخلوق وأحد أساطير الكرة السعودية الكابتن محمد نور بعد مشوار حافل بالعطاء والنجومية، فلو كانت الأمور بالتمني والرغبة لنجح محبو الكرة المستديرة في إقناع الأساطير الخالدة بيليه ومارادونا والخطيب وماجد عبدالله في الاستمرار على عشب الملاعب ولكنها سنة الحياة في عالم الكرة حيث لا ديمومة في مواصلة عطاء اللاعب، ولذلك تجد اللاعب البارز والمحبوب جماهيريًّا يتألم عند إعلان لحظة اعتزاله كونه يرى أن قنوات العشق مع جماهيره لازالت فاعلة ولكنه عندما يفتكر السن الذي وصل إليه ويدرس قدراته البدنية الحالية يضطر لاتخاذ القرار الصعب.
باعتزال نور نكون قد فقدنا نجمًا رياضيًا من الوزن الثقيل. نجمًا يحمل تاريخًا رائعًا من الإبداع وحصد البطولات، ويملك محبة جماهيرية اتفق عليها كل متابعي الكرة السعودية.
يستحق بجدارة أن يكون أفضل لاعب في تاريخ الاتحاد عميد الأندية السعودية، وعنصرًا ثابتًا في التشكيلة التاريخية للمنتخب السعودي، ويكفيه فخرًا أنه كسب الحسنيين، قيادته للاتحاد وحصده لكافة البطولات، وانتماءه للنصر شمس الكرة السعودية ومعقل الأساطير.
نور ليس بذلك اللاعب العادي الذي يأتي بديله أو الذي نستطيع أن ننساه بعد فترة. هو من طينة اللاعبين الأفذاذ أمثال ماجد والثنيان والدعيع، مهما تمر السنون ويتكاثر اللاعبون يظل تعويضهم من الصعوبة بمكان، والمؤلم أن كرتنا السعودية فقدت بريقها في الفترة الأخيرة على مستوى العناصر، وبنظرة سريعة على الموجودين ليس هناك من لاعب يصل إلى عملقة وعبقرية نور ورفيق دربه حسين عبدالغني، ولا نعلم كيف كيف سيكون حال كرتنا عندما يُقدم الفتى الذهبي عبدالغني على الاعتزال.
اعتزل نور وابتعد عن الملاعب وهذه سنة الحية لكن السؤال المهم وماذا بعد يا نور، فرياضتنا تحتاجك وتحتاج إلى قدراتك الرياضية الفكرية، وحق عليك أن تنقل الإبداع والتألق الذي كنت عليه وتدرّسه للجيل الحالي والقادم وأن تحرص على تزويدهم بما ينفعهم ويرفع من قدر أدائهم، فالطريق والمسار لخدمة الكرة السعودية لازال مفتوحًا ورحبًا.