أسدل الستار أمس على مسابقة كرة القدم في أولمبياد لندن 2012 وبينما ظفر منتخبنا فقط بالذهب والتألق فوق منصة التتويج، إلاأن بقية المنتخبات التي شاركت في مسابقتي الرجال والسيدات لم تخرج “صفر اليدين” من هذا العرس الأولمبي الكبير.
ولعل أنظار العرب تركزت هذه المرة دون سابقاتها نحو ملاعب بريطانيا لمتابعة ثلاثة منتخبات تواجدت دفعة واحدة (مصر، الإمارات، المغرب) وبدأت معها الأحلام برؤية أحدها فوق منصة التتويج على أقل تقدير.
وبعيدا عن الحديث الفني في النتائج والمستويات الجماعية للمنتخبات العربية، فقد ارتسمت “ابتسامة” كبيرة في تلك البلدان بعد أن شاهدت لاعبيها يتألقون على الصعيد الفردي متفوقين على كبار النجوم الذين تنافسوا معهم. لذلك اخترنا أبرز ستة نجوم عربية فرضت تالقها فوق ملاعب الأولمبياد، وانتزعت الإشادة من كل الحاضرين هناك.
خبرة أبو تريكة ومهارة صلاح
تقرر ضم ثلاثة لاعبين كبار للمنتخب المصري، وكان محمد أبو تريكة “نجم النجوم” في مصر على رأسهم، وقد منح شارة القيادة نظرا لما يتمتع به من قدرات فنية وحنكة. لم يخيّب “المايسترو” الظن به وفي اللقاءات الثلاث في دور المجموعات اضطلع بمهام كثيرة، وكما كان دائما صاحب اللمسات الأخيرة في العديد من النهائيات الكبيرة، كان هذه المرة صاحب الحضور الأول، فقد سجل تريكة أول أهداف المنتخب المصري في مشاركته الأولى في تاريخ الألعاب. فقد هز شباك البرازيل ومنح به الثقة لزملاءه لتقليص الفارق ومن ثم تقديم أداء طيب. وعندما كانت مصر بحاجة للفوز أمام بيلاروسيا، تولى أبو تريكة مهام صنع الهجمات وفتح الطريق لتسجيل ثلاثية تاريخية ختمها بنفسه مانحا فريقه التأهل لربع النهائي.
كان تريكة يحلم بالحصول على ميدالية، ولكنه يعلم تماما أن هذا المنتخب سيشكل “نواة” مهمة لاستكمال رحلة المجد الهادفة لبلوغ مونديال البرازيل، فقال لموقع FIFA.com “نريد أن نحقق شيئا استثنائيا، هدفنا الفوزب ميدالية، لكن نتطلع لتقديم أداء جيد يؤشر على قدرتنا المستقبلية وتحقيق حلم التأهل لكأس العالم”.
وكما تألق النجم الكبير، فقد أظهر الموهبة الصاعدة محمد صلاح قدراته الكامنة، وبرهن بما لا يدعو للشك بأنه سيكون أحد الركائز الأساسية في المنتخب الوطني. لم يكن حال المصريين طيبا هجوميا أمام البرازيل، ولكن ما أن وطأت قدماه أرض ملعب “الألفية” حتى أحدث خطراً محدقا على”سيليساو” وهدد المرمى عدة مرات قبل أن يهز الشباك، ولو ساعده الحظ لقلب التأخر لتعادل ثمين. واصل صلاح “العزف” وأبان على مهارات وخبرات اكتسبها بسرعة منذ احترافه في سويسرا رفقة بازل، ووحقق التعادل الثمين أمام نيوزيلندا ثم افتتح بنفسه التسجيل على بيلاروسيا، ممهدا الطريق لتأهل تاريخي.
نجومية مطر وعقلية عبد الرحمن
شاركت الإمارات للمرة الأولى، واستعان مهدي علي بالهداف الكبير إسماعيل مطر، عقدت عليه آمال كبيرة، ولم يخيّب “القناص” الظنون، وظهر في ملعب “مسرح الأحلام” في ماشستر بسرعة وهز شباك أوروجواي، ليضع في سجلاته شرف تحقيق أول هدف إماراتي في الأولمبياد. ورغم أنهم تعرضوا لهزيمتين متتاليتين وفقدوا فرصة التأهل، لكن مطر أبى إلاّ وأن يمنح فريقه وداعا لائقا، حيث هز شباك السنغال في ويمبلي التاريخي وخرجت الإمارات بنقطة وعروض طيبة.
يؤكد مطر “لقد كانت المشاركة في لندن حلم كبير، والحمد لله تحقق لي ونجحت في إثبات نفسي هناك، كانت مسؤولية كبيرة في قيادة الفريق وأتممتها بشكل جيد. هذا الفريق سيكون الإشراقة الجديدة لكرة الإمارات”.
العروض المميزة التي قدمها منتخب الإمارات كان ورائها أسلوب “سهل ممتنع” حيث انطلقت الهجمات وتنقلت الكرة بشكل يؤكد على قدرات كبيرة للمجموعة، وهذا يعود لعناصر عديدة، من بينها عمر عبد الرحمن والذي اضطلع بمهام رئيسية في صنع الهجمات وإتمامها، وأبان عن قدرات فائقة لفتت الأنظار. ونظير هذا الأداء فقد نال عمر مباشرة حق خوض الاختبارات مع بطل انجلترا “مانشستر سيتي”، وبغض النظر عن بقاءه هناك أم احترافه في ناد آخر أو حتى العودة للعين، فإن هذا الواعد سيؤكد لاحقا أنه “العقل المدبر” للكرة الإماراتية.
قيادة خرجة ولمسات برادة
رغم خروج المنتخب المغربي من الدور الأول، لكن يمكن القول أن “أسود الأطلسي” أهدروا فرصا بالجملة “للوثب” برشاقة نحو ربع النهائي، ذلك أنهم فرطوا بتقدمهم على هندوراس، وتسابقوا في إهدار فرص التهديف أمام اليابان، كما نافسوا مواهب أسبانيا وتفوقوا عليها في بعض المراحل. عقد المغربيون آمالا كبيرة على مواهبهم الصاعدة، يمكن القول أنهم كانوا عند حسن الظن بهم، لكن الحظ أخرج لسانه لهم في كل المباريات “بغرابة” وكان مصيرهم الوداع المبكر.
لكن ما أرضى المغاربة هو الأداء الذي قدمه “أشبالهم”، فقد برزت عدة وجوه صاعدة، كان عبد العزيز برادة في مقدمتها، حيث برهن هذا النجم الصاعد بهدفه على هندوارس وأداءه الهجومي، برهن على اكتسابه الخبرات في “الليجا الأسبانية” سيعود بالنفع عليه وعلى المنتخب الوطني المدعو لاستكمال الطريق نحو مونديال البرازيل.
لكن هذا الأداء الطيب كان مدعوما بعناصر الخبرة، ومن أفضل من قائد المنتخب الوطني حسين خرجة ليقوم بهذا الدور، فقد نجح خرجة في ربط خطوط الفريق وتقوية الشق الهجومي، فكان حاضرا بشكل لافت في منطقة جزاء المنافسين، لكن وقف الحظ “حاجزا” بينه وبين إتمام مهامه وهز الشباك ومنح فريقه النقاط الكافية للتأهل.
هذا الخبير الذي قضى حياته في أفضل البطولات الأوروبية، أكد من واقع خبرته أن هذا الفريق هو الأمل المغربي “هذا الفريق سيكون مستقبل الكرة المغربية، آمل أن يجدوا المساندة حتى يتطوروا بسرعة، فهم يمتلكون مهارات عالية، وعندما يحصلون على الخبرة فتأكدوا أنهم سيحققون نجاحات كبيرة. كان بإمكاننا أن نتقدم أكثر في البطولة، لكن لم نكن محظوظين البتة. أنا حزين للإحباط الذي أصاب اللاعبين والجماهير، لكن علينا أن نتعلم الدرس”.