النزهة في ربوع بلادك تعطيك المتعة والأنس الذي تشعر به ولا تجده في بلدان أخرى رغم جمال أرضها واخضرار عشبها،وقد تزور تلك الأماكن للمتعة لكن الحنين والسعادة في شعوري الشخصي يكثر في ربوع بلادنا وهو حنين شرعي مرتبط بالأرض التي عليها ولدنا وترعرنا وعشنا على رُباها ننعم بالوحدةِ والأمنِ والاستقرارِ،هو شعورٌ يحس به كل إنسان في بلده حتى أولئك الذين تغربوا عقوداً من الزمن مهما بعد العهد بهم لا يلبث أن ينبعث الحنين لأرضهم الأم إذا جاء ذكرها ووردت خواطرها..
وحبَّب أوطانَ الرجال إليهمُ
مآربُ قضَّاها الشبابُ هنا لكا
والمصاعب والآلام لا تُفقد الإنسان حب وطنه كمال قال الشاعر:
بلادي وإن جارت علي عزيزةٌ
وأهلي وإن ضنوا علي كرام
ولذلك فالواجب يُحّتم أن نكون شركاء جميعاً في أوطاننا بالنهضة والبناء كلٌ بحسبه بعد هذه المقدمة التي وردت علي خواطرها وأنا في رحلةٍ بريةٍ مع بعضِ الأصحابِ في منطقة القصيم فقادنا المسير بعد رؤيةِ المناظر الجميلة المحيطة بجبل قِطَنْ إلى محافظةٍ مجاورة تُسمى(عقلة الصقور)التي يسكنها حوالي خمسة عشر ألف نسمة وسُميت بذلك لقرب مائها والصقور أهلها الأوائل الذين سكنوها فكان من حظنا السعيد أن قادنا المسير لهذه المحافظة الغالية فوافقنا إقامتهم لمهرجان يشمل عدداً من الفعاليات الجميلة خلال إجازة منتصف العام تنظمه لجنة التنمية الاجتماعية
بالمحافظة تحت شعار(السمن والسمين)وهو مأخوذٌ من مثل قديم عن قرب مواسم البيع والشراء..لفت انتباهي حسن استقبال أهلها الذين لم يعرفوننا وكانوا مرحبين بالجميع على السواء بتقديمٍ للقهوة والتمور والأقط والسمن وغيره ضيافة مع حسن البشاشة..
لفت نظري في المهرجان حسن التنظيم والإعداد الذي تكاتفت فيه جهات المحافظة الحكومية وكذلك حجم المشاركة الذي رأيناه ونوعية البرامج المقدمة وأضاف لها روعةً جمال المكان والحديقة المجاورة الرائعة وحسن التنظيم والإعداد مع حفاظٍ على قيم ديننا وتعاليمه مما يوفر بيئةً جميلةً وآمنة لسعادة الأسر فقد اعتدنا مثل هذه المهرجانات على اقتصارها على التسوّق والأطعمة بينما رأينا بمهرجان السمن والسمين بعقلة الصقور تثقيفاً في الصحة عن أمراض الأوبئة والصحة العامة وعروض عن نوعيات الأكل والشرب بطريقة عرض فيها توعية جميلة نحتاجها..
رأينا أيضاً مشاركة عدد من الجهات الاجتماعية كالجمعيات الخيرية والضمان الاجتماعي بقيادة لجنة التنمية الاجتماعية المنظمة للمهرجان..رأينا برامج مخصصة للشباب بالتوعية والدعوة والتركيز على بعض الإشكالات التي تُسبب خطراً عليهم كالإرهاب والمخدرات والتدخين والتحرش وغيرها..بطريقة عرضٍ مشوقةٍ مدعومةٍ بالصور والمعارض المصاحبة،ودعوةً مخصصةً للجاليات وكذلك برامج فيها استضافة لبعض المشائخ الذي اختاروا لهم موضوعات مميزة إضافةً إلى تعليم قراءة القرآن
الصحيحة وحسن التلاوة وغيرها من برامج لايتسع المقام ولا الذاكرة المزدحمة بتذكرها..
المهم ثم المهم أن طريقة التنظيم الرائعة كانت من جهة اجتماعية وليست من مستثمر ولذلك لم نرى الاستغلال المادي الذي يثقل جيوب بعض الأسر..ولذلك كان الإقبال على مهرجان عقلة الصقور كبيراً ويُمثل فسحةً ونزهةً للأسر بكآفة أعمارهم فشكراً عقلة الصقور على هذا التميّز..وشكراً لكل تمّيز جميل في بلادنا بإعداد البرامج الرائعة والجذّابة التي نراها عندنا لعلّها تخفّف الرحلات المكثفة عند كل عطلة لأمواج الأسر إلى بلادٍ حولنا..وكأنها هجرةٌ جماعية..
شكراً لكل بذلٍ للجهد والخير المناسب لديننا ولقيمنا وعاداتنا ونفرح بجميع المهرجانات التي نقيمها في ربوع أرضنا وتنوّع برامجها وأدعو لمزيدٍ من التركيز على التثقيف والتوعية لجميع الفئات وبمشاركة كل الجهات لنحقق النموَّ والتنمية التي نرجوها…وفق الله كل من بذل للخير وإسعاد الناس..
*إمام وخطيب جامع السلام بعنيزة
والمشرف العام على مركز المنار للاستشارات التربوية والتعليمة