انتهى نزال الاتحاد الدولي لكرة القدم الانتخابي الذي احتضنته حلبة زيورخ وفاز به السويسري جاني إنفانتينو فيما خسر المرشحان العربيان البحريني الشيخ سلمان بن إبراهيم والأردني الأمير علي بن الحسين، ومعهما الفرنسي جيروم شامباني والجنوب أفريقي طوكيو سكسويل الذي رمى المنشفة البيضاء قبل بدء النزال.
ذلك هو موجز الحرب الانتخابية لكن في التفاصيل الكثير مما شاهدنا ومما لم نشاهده، وهنا لا يكمن استعراض كل ذلك، فالحرب كانت طويلة وشرسة وطاحنة وسعيدة أيضاً للبعض ومخيبة لآمال البعض الآخر، لكن ما يهمنا هو الواقع السعودي في هذا المشهد العالمي بامتياز، فهل ثمة سعودي شعر بأي حضور لنا في هذه الانتخابات التاريخية؟
للحقيقة واحتراماً للوقائع وحفظاً للتاريخ فقد كان لنا حضور، إذ سرقت كاميرا التلفزيون من وقت المشهد الطويل والممتد لساعات لقطة خاطفة لرئيس الاتحاد السعودي أحمد عيد وهو يدس ورقته الانتخابية في صندوق الاقتراع، تماماً كما يفعل مخرجو المباريات حينما يختطفون لقطة لمشجع، لذا اعتقد جازماً أن كثيرين لم يشاهدوها، والبعض وإن شاهدها ما كان له أن يتعرف على عيد الذي ظهر ببدلة رسمية لم تجعله يتمايز عن كثير من الحاضرين.
مؤسف ومحبط ومخيب للآمال بل ومعيب أيضاً أن يقتصر الحضور السعودي على رمي الورقة الانتخابية مثلنا في ذلك مثل 207 دول في العالم حضرت الانتخابات، إذ لم يكن ثمة فرق حينها بيننا وبين منغوليا أو حتى جزر سليمان، ونحن الذين كانت قيادتنا الرياضية وممثلنا في المسرح الدولي يحددان بوصلة كأس العالم، ويقرران من يجلس على كرسي الفيفا ومن لا يجلس.
القول بذلك ليس فيه أدنى مبالغة، فبلاتر نفسه خرج يوم أن توج رئيساً لإمبراطورية “الفيفا” خلفاً لهافيلانج عام 1998 وبعد معركته الانتخابية الشرسة مع السويدي لينارت يوهانسون ليقول: شكراً للأمير فيصل بن فهد، ويومها كان الراحل يقود حملة دعم بلاتر في آسيا وأفريقيا إذ نجح في تحشيد القارتين الأكثر تأثيراً في ميزان الانتخابات لمصلحته، وكان الفقيد عبدالله الدبل أحد صقور “الفيفا” يومها يقوم برحلاته المكوكية لاستمالة العالم ناحية السويسري. تماماً كما فعل القيصر فرانس بكنباور حينما حضر إلى منزل الدبل في الدمام ليقول على رؤوس الأشهاد: ممتن لما قدمه عبدالله الدبل إذ ساهم في منح بلادي استضافة كأس العالم 2006.
ما الذي يحدث الآن؟.. ببساطة نحن لم نعد حتى على هامش المشهد، فأن نكون على الهامش يعني أننا موجودون لكننا أساساً خارج الصورة، وهذا تتحمله القيادات الرياضية السابقة التي أضعفت الدور السعودي على مدار عقدين كاملين بممثلين سيئين لم يستطيعوا أخذ أدوار البطولة إذ ظلوا “كومبارس” على المسرح الدولي، وها هو يكرر ذلك أحمد عيد بجلوسه على المقعد التنفيذي الآسيوي الذي اختطفه من الأمل المتبقي وأعني ياسر المسحل حباً للذات وشهوة في المناصب وهو الرجل الذي يذلف إلى السبعين!
ما قاله الأمير عبدالله بن مساعد في حكاية أحمد عيد والمسحل بقدر ما تدين عيد الذي بدا واضحاً أنه راعى مصلحته في الترشح فقط؛ لكنها أيضاً لا تعفي الرئيس العام ورئيس اللجنة الأولمبية السعودية من مسؤوليته، فمثل هذه المناصب ليست حقاً خاصاً بل هي مصلحة وطنية، وهنا كان ينبغي أن يقول لا مسموعة، وليقل المأزومون والمفلسون ما يقولون!