في السابق وقبل الأحداث الأخيرة لم تكن البعثات السعودية تحظى باهتمامٍ من الجانب الإيراني، وكانت المضايقات هي عنوان كل بعثةٍ رياضيةٍ سعوديةٍ تذهب إلى هناك، سواء على مستوى المنتخبات أو الأندية، وكنا في كل مرةٍ نتذمر ونرفع خطابات شجبٍ واستنكارٍ ممّا يحدث لبعثاتنا هناك، وأكثر هذه الأحداث تحدث أمام الكاميرات وعلى مرأى من لجان الاتحاد الآسيوي، ولا تحتاج إلى توضيحٍ أو سردٍ في خطاباتٍ وبياناتٍ، فالاتحاد الآسيوي يشرف على مسابقاته، وهو المسؤول الأول عن حماية كل الأندية والمنتخبات الآسيوية من أي تجاوز، وفق نظامٍ واضحٍ وصريحٍ، لكن مع الأسف هذا لم يحدث.
ولم نشاهد في كل تلك السنوات التي مضت أي تحركٍ من الاتحاد الآسيوي بلجانه المختصة في متابعة تلك المباريات التي تقام على أرض إيران، وتطبيق العقوبات الانضباطية المنصوص عليها في مسابقاته، بل على العكس تماماً، ففي سنةٍ من السنوات -إن لم تخني الذاكرة- تمّ تكريم الاتحاد الإيراني لكرة القدم كأفضل اتحادٍ في القارة، ورغم كل ما دار حول تلك الجائزة من تشكيكٍ واستهجانٍ، إلا أن الاتحاد الآسيوي وحسب بيانه التوضيحي في تلك السنة: أنه طبّق معايير معينةً منحها الاتحاد الإيراني لكرة القدم تلك الأفضلية وهو الأجدر بالجائزة، وإلى هذه اللحظة لا أحد يعلم ما هي تلك المعايير، وبعثاتنا في الخليج وتحديداً في السعودية منذ تلك السنة وقبلها تعاني الأمرّين منذ أن تطأ أقدامهم مطار طهران إلى أن تغادر ..!
هذا مثالٌ يوضح مدى تهاون الاتحاد الآسيوي مع الإيرانيين، ولا أحد يفهم سرّ هذا التواطؤ، أما اليوم فقد اختلف الأمر، وأصبح من المستحيل أن تغادر بعثاتنا الرياضية للمشاركة في أي مباراةٍ تُقام على أرض إيران بعد الأحداث الأخيرة، حتى وإن وصل الأمر إلى إعلان الانسحاب من البطولة، فإذا وصل الأمر إلى اتخاذ مثل هذا القرار سيخسر الاتحاد الآسيوي التمثيل السعودي، ومن الطبيعي أن تفقد البطولة أهميتها، خصوصاً إذا ما عرفنا أن الكرة السعودية تشكل ثقلاً كبيراً في القارة من كل النواحي الفنية والاستثمارية والاقتصادية، وغياب أندية السعودية عن هذه البطولة مهما صاحبها من عقوباتٍ لن يخدم المصلحة العامة للاتحاد الآسيوي في الفيفا؛ لهذا من المهم أن يتفهّم الاتحاد الآسيوي خطورة الموقف بعد أن تطورت الأحداث ووصلت إلى قراراتٍ سياديةٍ تخصّ البلدين، ومن هذا المنطلق يجب أن يبحث الاتحاد الآسيوي عن حلولٍ عمليةٍ؛ ليتفادى أي قرارٍ قد يضرّ بسمعة الاتحاد الآسيوي، والحلول في هذا الإطار متعددة ووفق الأنظمة واللوائح المتبعة في اتحاد الكرة الآسيوي في ظروفٍ مماثلةٍ لما يحدث الآن بين البلدين، فإما أن يعيد الاتحاد الآسيوي القرعة ويبعد إيران عن غرب القارة، أو ينقل مباريات الأندية السعودية على أرضٍ محايدةٍ مع الضغط على الاتحاد الإيراني لقبول أحد الحلول المطروحة وفق الأنظمة واللوائح المعتمدة في الاتحاد الدولي “فيفا”.
فالواقع يحكي معاناةً دامت لسنواتٍ طويلةٍ في أنديتنا ومنتخباتنا مع إيران، رغم أن أي بعثةٍ إيرانيةٍ تصل إلى السعودية تحظى باهتمامٍ وكرم ضيافةٍ منقطع النظير، ومن المفترض أن المعاملة بالمثل، ففي هذه الجزئية تحديداً لم يحدث ذلك، فلا السعوديون تعاملوا مع الإيرانيين بمثل ما يتعاملون معهم إذا ذهبوا إلى إيران، ولا الإيرانيون فعلوا الشيء ذاته إذا ذهبت الأندية السعودية إلى إيران؛ لذا من المفترض الآن أن توحّد الجهود الخليجية على أن يكون لهم موقفٌ موحّدٌ تجاه الذهاب إلى إيران، ورفض ذلك مهما قدّم من ضماناتٍ وعدم الاكتراث من أي عقوباتٍ قد تطال الاتحادات الخليجية جراء هذا الرفض، وعلى اتحاد الكرة في آسيا أن يعي خطورة المرحلة والتطورات السياسية التي حدثت مؤخراً، ويسعى جاهداً لحلّ هذه الإشكالية وفق الأنظمة الخاصة بالاتحاد الدولي.
ودمتم بخير،،،
سلطان الزايدي
zaidi161@hotmail.com