عندما يكون الحديث عن مكانة الفروسية السعودية بين أقرانها في المنطقة الجغرافية نفسها فلا شك بأنّ كفّة الميزان سوف تميل في صالحها ، فالتطوّر الكبير الذي أسهمت الفروسيّة السعودية في إدخاله على فروسيّة المنطقة في وقتٍ لم يُنافسها فيه أحد لا يُمكن لأيٍّ كان إنكاره ، فقد سبقت أقرانها بفارق سنواتٍ عدّة ، و حققت إنجازات عالميّة كان الوصول إليها ضرباً من الخيال ، قبل أن نشهد اليوم على نهضةٍ فروسيّة كُبرى لدول شقيقة أصبحت تنقل تجربتها الفروسية إلى حيّزٍ أكثر جدّية و تضع لها أهدافاً مدروسةً بدقّة .
إنّ القصّة تعود لما قبل الستة و العشرون عاماً عندما كان الفارس السعودي يتلمّس الطموح في ظلمة الغياب الرسمي للرياضة حاملاً حلم تمثيل وطنه في قلبه معتمداً على نفسه في تطوير مهاراته مُرتطماً في كُلّ مرّة ـ يُحاول فيها تمثيل بلاده في بطولاتٍ رسميّة ـ بالغياب الرسمي للمملكة عن ميادين القفز فيعود خائباً .
في تلك الحقبة كان هناك حِراكٌ فروسي يتكئ على محورين متزامنين أحدهما داخل المملكة و الآخر خارجها ـ في أمريكا تحديداً ـ تمثّل الأول في عطاء فردي للفرسان من أمثال الأولمبي الكبير خالد العيد و غيره و إنشاء مدارس خاصة للفروسية و اهتمام بعض القطاعات الحكوميّة ـ كالأمن العام ـ بهذه الرياضة ، فيما كان المحور الثاني يتمثّل في الفرسان المغتربين في أمريكا أمثال الفارس الكبير زياد عبدالجواد و الفارس الأولمبي كمال باحمدان الذين كانوا يبذلون جهدهم لتطوير أنفسهم ، لكنّ العقبة التي كانت دائماً ما تظهر أمام الفرسان من كلا المحورين عدم مقدرتهم على تمثيل بلادهم في البطولات الدولية بصفة رسمية لغياب و جود اتحاد للفروسية لطالما أعاقتهم ، إلا أنه و بإلحاح منهم دام عدة سنوات تم أخيراً تأسيس الاتحاد السعودي للفروسية بموجب قرار صاحب السمو الملكي الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ رقم 8252 بتاريخ 29/5/1410هـ الموافق 27/12/1989م تحت مسمى الاتحاد السعودي لألعاب الفروسية والسهام برئاسة سمو الأمير فيصل بن عبدالله ليكون أول رئيساً في تاريخ الاتحاد و الذي تم تغيير مسمّاه في التشكيل الجديد للاتحادات الرياضية في المملكة بالقرار رقم 3636 في تاريخ 30/12/1421هـ من الاتحاد السعودي لألعاب الفروسية و السهام إلى الاتحاد السعودي للفروسية برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد بن عبدالعزيز نائب الرئيس العام لرعاية الشباب ـ في ذاك الوقت ـ و الذي سلّم القيادة لخلفه صاحب السمو الأمير الفارس عبدالله بن فهد العام الماضي ليكون الاتحاد السعودي للفروسية هيئة رياضية هدفها الأول هو الارتقاء بألعاب الفروسية و تكثيف ممارستها محليا والوصول بها إلى العالمية .
هذا المخاض المضني يجعلنا نقول و بكل اعتزاز بأنّ الاتحاد السعودي للفروسية كان قد ولد من رحم الطموح الفروسي لدى فرسان هذا الوطن و لم يكن إنشاؤه مجرّد تحصيل حاصل لإجراءات روتينية ، اليوم و بعد مضي ستة و عشرون عاماً تعاقب خلالها ثلاثة رجال على رئاسة الاتحاد يحمل كلٍّ منهم فكراً مختلفاً نقف على إرث فروسي مثير للمسؤولية ، و إنجازاتٍ لم يحققها رجالها مصادفة إنما هم اقترفوها مع سابق إصرار وترصّد .
قد تكون فروسيّة قفز الحواجز السعودية ـ قياساً على عمر الاتحاد ـ حديثةً نسبيّاً إلّا أنّها في نهاية المطاف أصبحت حديث الفروسيين في منطقتنا ، لكنّ الغريب في الأمر أنّ بريقاً كان يلمع في عينيها ذات يومٍ قد خفت ، أو ربما أنّ أحدهم أغاظها عندما سمح لقريناتها بالاقتراب من مساحة تميّزها فلم تعُد تكترث ؟! ..مالي أرى فرسانها يحملون الشحوب على أيديهم و يسيرون به ؟ من أرهقهم حتى اشتغلوا بغير حُسنها ؟! .. مالي أرى بيت مال قائدها خزائنهُ خاوية على عروشها ، أوَ لم يُخبر أحدكم ” راعي الشباب ” في هذه البلاد أن ّ شبابه يتضوّرون مجداً لم يسبقهم إليه أحد من رعيّته ؟! .. انقلوا عنّي إليه رسالتي هذه : كلّكم راعٍ و كلّكم مسؤول عن رعيّته .. فيا راعي الشباب ” شف لنا صرفة ” .