إن الخسارة في كرة القدم واردةٌ جداً، ولا يمكن لأي فريقٍ في العالم يلعب كرة قدمٍ أن ينجو من الخسارة مهما طال أمدها، ومَن يفهم كرة القدم كثقافةٍ وليس كتخصصٍ يدرك ذلك جيداً، ومن الطبيعي أن يتأقلم مع كل ظروفها وطقوسها، ويبقى تأثير الخسارة يتفاوت من شخصٍ لآخر، على مستوى الإدارات أو الجماهير، فالتحليل الدقيق للخسارة في هذا المجال لا يجب أن يخرج عن الإطار المنطقي لها، بمعنى أنه لا يمكن للخسارة أن تنسينا مجهود أناسٍ عملوا بجهدٍ وإخلاصٍ، لكن التوفيق لم يحالفهم، حتى وإن صاحَب العمل بعض الأخطاء الواضحة، إلا أن الأمر لا يتجاوز كونها فكرةً رأى صانع القرار أنه يستطيع من خلالها أن يقدم عملاً مختلفاً، رسم في ذهنه نتائج مميزة، لكن هذه الفكرة فشلت لسببٍ ما، ولم يكن في الحسبان أو ضمن أجندة السلبيات المتوقع حدوثها بنسبةٍ معينةٍ.
العمل في كرة القدم للاعبين والإداريين عملٌ مرهقٌ دائماً على كافة المستويات البدنية والذهنية، إذ أن النتائج الإيجابية هي مَن تتحكم باستمرارية العمل، ولعلّي أقصد بالنتائج الإيجابية هنا النتائج السريعة الملموسة في وقتٍ قصيرٍ، فكم من فكرةٍ كانت تحتاج لفترةٍ زمنيةٍ طويلةٍ؛ حتى تُظهر نتائجها وأدّت بسبب إخفاقٍ معينٍ أجبر صاحب الفكرة على الرحيل وحبس ما تبقى من أفكارٍ داخل جمجمته، فالإحباط يصنع الفشل، والفشل يحدث عندما يُجبر مَن لديه القدرة على التغيير أن يغادر المشهد برمّته تاركاً خلفه بداياتٍ لأفكارٍ معينةٍ في طور التأسيس، لا يمكن لها أن تستمر طالما هو خارج منظومة التنفيذ.
ففي الجولة الرابعة من منافسات بطولة دوري جميل لهذا الموسم مُنْي النصر بهزيمةٍ قاسيةٍ من منافسه الأهلي برباعيةٍ ثقيلةٍ، خرج على إثرها أنصار الفريق عن المشهد المعتاد طوال السنتين الماضيتين، وظهرت مطالباتٌ غريبةٌ تشعر أن الفريق من 20 عاماً لم يحقق شيئاً على مستوى النتائج.
إن الحديث عن الأخطاء سهلٌ؛ لأن المتابع للمشهد ليس بيده قرارٌ معينٌ؛ لذلك هو يراقب وينتظر النتائج، وهذا الأمر يختلف تماماً عن وضعية صانع القرار في النادي، فهو أمام خياراتٍ مرتبطةٍ بظروفٍ معينةٍ؛ ربما لا يستطيع البوح بها في ذات التوقيت؛ لذلك هو يعتمد على قرارٍ وفق ظروفٍ معينةٍ لا يعلمها أحد، وإن حدث الإخفاق أصبح الخطأ واضحاً للمراقب والناقد وللجماهير التي تحكمها عواطفها في كثيرٍ من ردّات الفعل التي نشاهدها، فالحقيقة وباختصار تقول: إن في النصر مدرباً لا يستطيع أن يقدم شيئاً للفريق في ظلّ وجود كوكبةٍ كبيرةٍ من النجوم، من هنا مربط الفرس، وأي حديثٍ آخر لا معنى له.
أما الهلال الذي اعتاد على الخروج من آسيا، فمازال مسيّروه يحاولون ويواصلون الزحف نحو البطولة الأغلى في هذه الفترة، ففي كل مرةٍ يخرج الفريق تكون الأسباب مختلفةً، رغم أن التقييم الحقيقي لهذه البطولة يبدأ من بداية إقرار هذه البطولة بطريقتها الجديدة، وتكون الدراسة وفق إحصائياتٍ معينةٍ، تستند على معالجة الأخطاء الفنية والنفسية والمعنوية، لا ينقص الهلال كفريقٍ أي شيء، فهو على المستوى المحلي يظهر ويقدم نتائج جيدةً مقرونةً بالبطولات، فوضع آسيا في إطارٍ خاصٍّ بها يُصعّب على الهلاليين التعامل معها والفوز بها.
ودمتم بخير،،،
سلطان الزايدي
@zaidi161