مشكلة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أنه مؤسسة ثرية جدا لا يملكها أحد، شيء يكاد يكون فريدا في هذا العالم برغم ثروات الفيفا التي تعد بالمليارات إلا أنها ليست مملوكة لأية حكومة أو أي شخص في العالم، خزانة مليئة بالذهب ليس لها مالك وشركة عملاقة (ما لها والي) كما نقول في لهجتنا الشعبية، لذلك ظن البعض أن عملية سرقتها أمر ممكن باعتبار أنهم لا يسرقون أحدا محددا بقدر ما يسرقون العشق الأممي لهذه اللعبة التي سحرت ملايين البشر في مشارق الأرض ومغاربها، وسرقة العشق أمر معتاد في هذا العالم المليء باللصوص ومن هنا ظهرت فضيحة الفساد في الفيفا التي وضعت رئيسها بلاتر ورئيس الاتحاد الأوروبي بلاتيني في دائرة الاتهام المباشر بالإضافة إلى عدد من المسؤولين الكبار في الفيفا.
ومن الأمور المدهشة حقا في الفيفا بخلاف ثروتها التي لا يملكها أحد، قدرتها الهائلة على فرض قوانينها على الاتحادات الدولية في مختلف دول العالم وهي قدرة تفوق بكثير قدرة الأمم المتحدة ومجلس الأمن البائس، فقوانين وقرارات الأمم المتحدة في غالب الأحيان لا تحظى باهتمام الكثير من دول العالم بعكس الفيفا التي تستطيع أن تفرض قراراتها على الولايات المتحدة وكوريا الشمالية بالصرامة ذاتها معتمدة على عشق الجماهير للساحرة المستديرة وكذلك على كونها مؤسسة مستقلة ماليا لا تتلقى المساعدات من أي دولة أو جهة كانت بل على العكس من ذلك فهي التي تساعد الكثير من الدول الفقيرة على النهوض بفرقها الكروية وتمنح الأموال حتى للدول الغنية في حال مشاركتها في البطولات الدولية الكبرى، وقد يقول قائل إن الشركات الراعية والمعلنين لهم كلمة ما على الفيفا وهذا صحيح نوعا ما ولكن هذه الشركات لم تستطع أن تتدخل في قواعد اللعبة أو طريقة إدارة المباريات رغم محاولاتها العديدة وأقصى ما استطاعت فعله هو انسحابها احتجاجا على فضائح الفساد التي فاحت رائحتها مؤخرا.
على العموم لا أظن أن ما يحدث في الفيفا اليوم سوف يتوقف عند إقالة بلاتر بل سيمتد إلى فتح ملفات تتعلق بتنظيم بطولات كأس العالم القادمة التي تدور أقاويل بأن القرارات الخاصة بها كانت غارقة في عمليات الرشوة.
قاتل الله اللصوص والفاسدين فقد سرقوا كل شيء جميل في هذا العالم ولم تبق إلا كرة القدم تسلي الفقراء وتنسيهم أحزانهم فطمعوا بهذه البهجة المخبأة في أعين الصغار وسرقوها أيضا.
لصوص كرة القدم!