حين نتكلم عن الحج وخدمة حجاج بيت الله الحرام لا نتكلم عن تنظير ومباهاة تخالف الواقع، وحين نتكلم عن ذلك أيضاً لا نتكلم عن شيء جديد أو شيء يحدث لمرة واحدة وينتهي وبالتالي يصعب الحكم عليه. من هنا، ورداً على المشككين فإن ما نقوله عن الحج والاهتمام بالحجيج يستند إلى شواهد وأدلة تمتد عبر عقود من الزمن حافلة بالكثير من الإنجازات التي يتحدث عنها العدو قبل الصديق. اليوم وجموع الحجيج تبدأ رحلة العودة بعد أن منّ الله عليها بأداء الشعيرة نرى لزاماً علينا أن نذكّر بما دأبت المملكة على عمله لخدمة هذه الجموع من باب الإيضاح دون منّة أو استجداء للمديح.
أخي الحاج، وأنت تحزم أمتعة العودة في طريقك إلى بلادك ولقاء أهلك وذويك نقول لك وداعاً، ونقول لك ولأنفسنا إن مسيرة خدمتك والسهر على راحتك لن تتوقف برحيلك، وإنما هي مسيرة دائمة على مدار العام، فعندما ينتهي موسم حج تعود العجلة للدوران مرة أخرى لتقييم ما تم وإنجاز ما تبقى من مشروعات أولاً بأول.
آلاف الكوادر البشرية والمعدات في دائرة عمل مستمرة طوال الأيام تعمل على توفير كافة الخدمات والسهر على راحة الحجيج يتقدمهم قائدنا الملك سلمان بن عبدالعزيز، ويكفينا شرفاً وفخراً أن من يقود مسيرة هذه البلاد توّج اسمه بلقب (خادم الحرمين الشريفين) وهو لقب لا يمكن لأيّ كان أن يحمله مهما عمل. من هذا المنطلق رأيناه حفظه الله يهب مسرعاً بعد حادث رافعة الحرم ليتفقد الموقع عن قرب ويتعرف على كافة الملابسات، وبعدها يقوم بزيارة الجرحى والمصابين، ثم تأتي قراراته الحازمة بعد التقرير النهائي بما يكفل محاسبة المقصر وتعويض المتضرر ومنع تكرار المأساة. وفي لفتة أخرى رأينا الملك سلمان حفظه الله يصل المشاعر المقدسة للإشراف المباشر على شؤون الحج وتحركات الحجيج.
أخي الحاج: إن كنت ممن سبق له الحج ستلحظ بعين المنصف أن هناك فرقاً كبيراً فيما يُقدّم للحجاج بين الأمس واليوم ولو كان عاماً واحداً. هنا نقول لعين الساخطين وحقد الحاقدين: كفاكم، فمهما رددتم من أقاويل وأصدرتم من أحكام فإن الواقع المنير كفيل بالرد عليكم والمملكة كانت وستظل تشرف بتسيير أمور الحج والعناية بالحجيج، وهو شرف يقوم بالعمل عليه الصغير والكبير منذ القدم ولن نتزحزح عنه قيد أنملة.
ما حصل من حوادث في الحج في السابق وهذا العام سعى الحاقدون والساخطون إلى استخدامها مصدراً للنيل من هذه البلاد وقيادتها واهتمامها بالحجاج والمعتمرين، ولهؤلاء وغيرهم نقول إن الحوادث قضاء وقدر والمملكة ليست الوحيدة التي تقع فيها الحوادث فقد وقعت في دول أخرى وكانت أكثر شناعة وراح ضحيتها المئات مع الفارق الكبير في الظروف الزمانية والمكانية، ويكفي لإيضاح هذا الفارق ما قاله أحد المغردين من “أن عدد الحجاج سنوياً يضاهي عدد سكان دولة، بمعنى أن السعودية تدير دولة وسط دولة وتقدم جهودها على أعلى مستوى” نعود لنؤكد أن من يحاول الاصطياد في الماء العكر، وينظر بعين السخط فستظل نظرته سوداوية وتعمي ناظريه عن الحقيقة الواضحة للعيان.