الاتحاد السعودي لكرة القدم أثبت وبعد مرور ثلاثة أعوام على دورته الانتخابية أنه يتخبط في ظله، فكل حادثة مهما كانت عارضة أو جوهرية تتحول إلى مشكلة، ثم إلى خبر صحفي، حتى تحال في نهاية المطاف إلى قضية رأي عام تتداولها الأوساط الرياضية بنهم شديد.
الدلائل على ذلك كثيرة، وآخرها حادثة خروج ثلاثة لاعبين من فندق المنتخب في كوالالمبور بعد مباراة ماليزيا من دون إذن من إدارة المنتخب، فالحدث يعد في العرف الرياضي طبيعياً جداً، لا أعني هنا التسويغ لكسر النظام، بل ما أعنيه أنها حالة متكررة حتى في المنتخبات والأندية التي يضرب بها المثل احترافياً في العالم.
إدارة المنتخب أحسنت في مكاشفة الإعلام حتى تعطي لنفسها مبرراً للعقوبة، ولصد أي هجوم بعد ذلك من أنصار اللاعبين وأنديتهم إعلاماً وجماهير، وكذلك لإغلاق الباب على أي شائعات إزاء خروج اللاعبين ما قد يفاقم المشكلة، لكن ما إن وصل الأمر لاتحاد الكرة حتى تعثر في خطواته عبر تصريحات المتحدث الرسمي الذي كشف عن أن المنتخب حتى اللحظة يعمل بلا لائحة، وإنما بنظام المثل الدارج (طبطب وليّس يطلع كويس).
ثلاثة مسؤولين تعاقبوا على المنتخب الأول خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وفي كل حادثة تمر بهم نكتشف أن المنتخب يدار بسياسة (الطبطبة والتلييس)، فسلمان القريني صادفته مشكلة تأخر الحارس عبدالله العنزي عن المنتخب وتحولت المشكلة الصغيرة إلى أزمة لعدم وجود لائحة، وعبدالرزاق أبو داود اصطدم مع رئيس الاتحاد إبراهيم البلوي في حادثة ملابس مختار فلاتة وتصاعد الموقف بينهما لعدم وجود لائحة، وها هو زكي الصالح يقع في ذات المأزق لذات السبب.
اعتماد اتحاد الكرة على نظام (طبطب وليّس) ليس وليد قضية ثلاثي المنتخب، بل هو يكاد يكون بمثابة النظام الأساسي للاتحاد، والمنهج القويم له، ومن يرصد مسيرة الاتحاد طوال دورته الحالية، بل حتى منذ الفترة التي تسلم فيها أحمد عيد الاتحاد بصفته رئيساً مؤقتاً يكتشف ذلك.
منتخبنا الوطني -كمثال فقط- ظلّ مع رئيس الاتحاد أحمد عيد لأربعة أعوام منذ الاتحاد الانتقالي وحتى ما قبل أسبوعين وهو يدار بذات النظام عبر التعاقد مع مدربين طوارئ؛ بدءاً من الهولندي فرانك ريكارد الذي أبقى عليه تحت سياسة الأمر الواقع مروراً بلوبيز كارو، فكوزمين اولاريو، وأخيراً فيصل البدين، ما جعل “الأخضر” طوال تلك الأعوام لا يقوم من فشل إلا ليقع في آخر.
الأمر ذاته ينطبق على المنتخبات السنية التي لا زالت تتخبط من دون هدف واضح طوال الأعوام الثلاثة الماضية، على الرغم من أن (اتحاد عيد) كان قد تسلّم مشروعاً حيوياً ورائداً من مدير المنتخبات السابق محمد المسحل وكانت ثمراته واضحة على صعيد المستويات والنتائج، لكن أبى هذا الاتحاد إلا أن يهدمه بمعول تخبطاته.
لجان الاتحاد إذا ما استثنينا واحدة أو اثنتين ليست بأفضل حال من واقع المنتخبات، فيكفي أن الأعوام الثلاثة الماضية شهدت فيها غالبية اللجان عمليات إحلال وإبدال، إما بنسف اللجنة كاملة أو عبر الإطاحة بأعضائها مع بقاء الرئيس، حتى اللجان القضائية التي يفترض فيها الاستقلالية التامة لم تسلم من العبث والفوضى والتدخل، وسيبقى الحبل على الجرار إلى أن تنتهي فترة هذا الاتحاد بعد عام غير مأسوف عليها!.