مثالية فيصل ونجوم الموسم

سلطان الزايديفي حفل تكريم رئيس النصر «فيصل بن تركي» تحدث لوسائل الإعلام عن أمرين مهمين، أولهما: أسباب خسارة كأس الملك، والأمر الثاني: العقوبات التي طالت نجوم الفريق من اتحاد الكرة.

وفي الحقيقة لم أكن أتوقع مطلقاً ردة فعل الأمير، وقد فاجأني بحديثه، كنت شخصياً أتوقع أن يلوم حكم المباراة ويقول: إن المباراة سُلبت من فريقي نتيجة خطأ تحكيميٍّ اتفق عليه الجميع، وفي الأمر الثاني: كنت أتوقع أن يهاجم اتحاد الكرة نظير تلك العقوبات القاسية التي اُتخذت في حقّ نجوم فريقه، كل هذا لم يحدث، ولا يبدو لي أن الأمر فيه مثالية مفرطة من رئيس النصر، فهو قد تحدث بعقله قبل ميوله، ولو تمعنَّا في الحدث وحديث الأمير سنجد أن هناك ارتباطا كبيرا بينهما، ففي آخر دقيقةٍ من المباراة لم يكن التنظيم الدفاعي بالشكل المطلوب، ولم يحسن لاعبو الخبرة في الفريق التعامل مع دقائق المباراة الأخيرة، فقد كانت الثغرة واضحةً، واستطاع الهلال أن يستغلها لصالحه ونجح؛ وبسبب هذا الخطأ لم يظفر النصر بكأس البطولة، رغم أنه كان قريباً منها، وكسبها الهلال وهو يستحقها بلا أدنى شك.

وأنا على يقينٍ أن ما تفوّه به الأمير في تصريحه لوسائل الإعلام وقت الحفل قاله أيضاً للاعبين أنفسهم، إن لم يكن بشكلٍ مباشرٍ فقد أرسله لهم عبر وسائل التواصل المشتركة بينهم.
ويومٌ بعد يومٍ يكشف لنا رئيس النصر فيصل بن تركي أنه يتعلم من الأخطاء، ويحرص دائماً ألا يكرر الوقوع فيها، وهذه الثقافة هو يتعمّد أن يوصلها لكل مَن يعمل معه، حتى لا تأتي لحظةٌ يكون العمل مهدداً بالفشل بسبب بعض الأخطاء المتكررة، وأنا متأكدٌ أن ما حدث في مباراة الكأس لن يتكرر مرة أخرى طالما أن هناك مَن واجه الأمر بشجاعة واعترف فيه أمام الملأ.

في كرة القدم وتحديداً في مسابقاتنا، قد يعتقد بعض جماهير الأندية أن مهمة رئيس النادي هي الظهور منفعلاً، يوبخ الجميع ويرمي أخطاءه وأخطاء فريقه على كل لجان الكرة، ظنّاً منهم أن هذا من أبسط الحقوق في سبيل الدفاع عن حقوق فريقه، وهذه ثقافة انتهى زمنها، ومَن يعتمد على هذا الأمر ويظهر أمام جماهير فريقه بهذا الفكر فلن يحقق أي شيءٍ لفريقه مستقبلاً، وقد يخسر أكثر مما يكسب، فقبل سنوات كان هناك أندية تعمل كثيراً وتتحدث قليلاً، وكانت تحقق إنجازاتٍ كبيرةً، عكس بعض الأندية التي كان من ضمنها النصر، كانوا يتحدثون دفاعاً عن عملٍ ضعيفٍ فقط، لا يوازي قيمة نادي النصر وحجمه، والنتائج كانت مَن عمل حصل على الألقاب وفرّق في عددها، ومن كان يتحدث ازداد أمره سوءاً.
أما اليوم فالثقافة اختلفت في نادي النصر، وأصبح العمل هو عنوان النادي، ودراسة الأخطاء الحقيقية وتلافيها هي من صنعت فريقاً قوياً يحقق بطولة الدوري موسمين متتاليين.

إن هذا الفكر وهذه الثقافة هما اللذان نحتاجهما في رياضتنا، فالناس لا تريد أعذاراً ولا مبرراتٍ، إنما تريد عملاً، إن استطعت أن تعمل بصمتٍ وتترك عملك يتحدث عنك فهذا أمرٌ مبهجٌ يسرّ الجمهور، أما الكلام والمبررات فلن تقدم أي شيء، ومن الأفضل ترك المكان لغيرك، فقد يحضر من خلاله مَن يهتم بالعمل وصنع المنجز أكثر من أي شيء آخر.

الإنجازات الشخصية للاعبين والإداريين لا تأتي إلا من خلال عملٍ كبيرٍ وتركيزٍ طوال الموسم، لهذا هم يستحقون التكريم متى ما أصبحت هناك فرصة لتكريمهم، كما حدث مؤخراً في الحفل الذي أقامه اتحاد الكرة للنجوم المميزين طوال الموسم، وهي فرصة يتمناها كل لاعبٍ، وستضفي على المسابقات الكروية -مستقبلاً- مزيداً من التنافس والجهد والمثابرة، فهناك نجومٌ كثرٌ كانوا مميزين ويستحقون التكريم، لكن الذين حصلوا على الجوائز كانوا هم الأبرز وهم الأكثر تأثيراً.

فبعد توفيق الله ثم بالعمل والجهد يحقق كل إنسانٍ مبتغاه من الحياة، ويقدم نفسه بالشكل الذي يرضيه ويرضي مجتمعه، من غير هذا لن يتحقق شيءٌ.

7