المشهدان اللذان كان عليهما خالد الدبل وعبدالعزيز الدوسري لحظة تقديم أوراق ترشيحهما لرئاسة نادي الاتفاق يختزلان واقع الحال، بل ويكشفان ما يمر به النادي اليوم وما قد ينتظره غداً، وهما مشهدان واضحان وضوح الشمس في صحراء الدهناء، إذ لا يحتاجان للغوص في دلالتهما لاستخراج مكنون ما يحويانه من حقيقة لا تخطئها عين سليمة، ولا يتجاوزها فكر نير.
البون كان شاسعاً جداً بين مرشح شاب دخل للنادي فوجد أنصاره وقد تحلقوا حوله بالمئات منشدين أهازيج النصر المنتظر ومتسابقين على تطويق عنقه بأكاليل الورد الذي بادلهم إياه قبل أن يغادر المكان وسط زفة تعلن تباشير الفرح بمستقبل واعد للنادي الذي يعيش أسوأ أحواله منذ أن تأسس قبل 70 عاماً، وبين مرشح جاء للمكان الذي يبسط نفوذه عليه طوال ثلاثة عقود وهو يتلفت ذات اليمين وذات الشمال ومحاط بثلة من الحرس الشخصي أصحاب القامات الفارعة، والأبدان المتصلبة، والعضلات المفتولة على طريقة أفلام (الأكشن)، إذ بدا وكأنه قد تحوط من أي ردة فعل من جماهير النادي الغاضبة التي قالت كلمتها مدوية يوم أن شاهدت الصرح الكبير يتهاوى.
الموقفان بقدر ما كانا يحملان تناقضاً كبيراً، لكنهما كشفا عن واقعين متباينين، بين واقع يحمل الأمل المشرق للنادي الكبير بما فيه من حمولات إذ يحوي شباباً متوقداً بالإخلاص، وفكراً متنوراً بالعلم، ووعياً مدركاً بمتطلبات المرحلة، وبين واقع يفرض التحدي كعنوان لكل تلك الرغبات التي تستنهض اتفاقاً جديداً ينبعث من ركام الفشل، وحطام الخيبات، وهو الواقع المؤسف الذي يقوم على فرض لغة العضلات في مواجهة الفكر، وكأنه يقول للاتفاقيين: ما لا يأتي بالقناعة يمكن أن يأتي بالقوة!.
الحالة الاتفاقية وفق المشهدين لا تقف عند تلك المقارنة بين واقعين مختلفين وحسب، بل تتجاوزه إلى مقارنة أخرى بين حالة الفرح بوجود مجموعة من الشباب الواعد المتمثل بخالد الدبل ومجموعته التي بدت منسجمة مع نفسها ومع واقع الاتفاق الراهن، وهم المتسلحون بإرث اجتماعي وجاهي، وبتخصصات علمية متنوعة، وبملاءة مالية لافتة، وهم المحاطون بكل مكونات النادي إذ الدعم الشرفي، والترحيب الإداري، وحفاوة اللاعبين، واحتضان الجماهير، وبين الأسى على رجل بقيمة عبدالعزيز الدوسري الرئيس الذي طالما نعتناه بالذهبي، ووصفناه بالمثالي ونحن نراه وقد رمى بكل مكتسبات السنين، تلبية لرغبات الذات، وتسويل النفس، وإغراءات المتمصلحين، وخداع المستفيدين، وهو الذي وجد نفسه مطارداً طوال عامين بهتافات السخط ويافطات الرحيل.
المتعلقون اليوم بحبال التغيير وقفوا على رؤية واضحة، واستراتيجية دقيقة قدمتها مجموعة الدبل التي اختارت لنفسها اسم “الاتفاق الجديد” وتحت شعار حلم يتحقق، وهي التي تبشرهم بمستقبل أفضل لناديهم الذي ينبضون بحبه، في وقت لم يروا شيئاً حتى الآن من “مجموعة الدوسري” التي لا تشبه الاتفاق في شيء، إذ لم تقدم لهم حتى الآن غير مشهد السيارات الفارهة والعضلات المتورمة، وأي شيء ينتظر ممن قاد مجد الاتفاق وتاريخه للضياع؟!.
عن الرياض