عرفت النسخة الثالثة والستين من منافسات الدوري الأردني ذات السيناريو للموسم الثاني على التوالي حين حافظ الوحدات على اللقب فلم يتأخر في تجاوز الرقم 13 بسرعة وأضاف لقبا جديداً لخزائنه ومعززاً رقمه في المركز الثاني في تاريخ البطولة برصيد 14 لقبا خلف الفيصلي أحد أعرق الأندية الأردنية والمتوج باللقب 32 مرة.
موسم أخضر بامتياز وإثارة لا حدود لها في الأسابيع الأخيرة، تقلبات كثيرة ونهاية مؤثرة، يأخذكم موقع FIFA.com في إطلالة سريعة على ما جرى في هذه البطولة العريقة.
ثقة بطل ولقب مستحق
دخل الوحدات منافسات هذا الموسم مدركا أنه سيكون محط أنظار الجميع، جماهيره الكبيرة ومنافسين طموحين في إنتزاع اللقب منه، ولذلك كان “الأخضر” أمام تحدٍ مزدوج، ولكن ما أن بدأت رحى المباريات حتى أشهر الوحدات راية التحدي للجميع وأعلنها صراحة :لا يمكن التخلي عن اللقب.
لم يحتاج حامل اللقب إلا لبعض الإنتصارات حتى يمضي في طريقه، فتموضع في الصدارة وحافظ عليها حتى النهاية، أما جدول الترتيب النهائي فهو الدليل الأكيد على أن البطل المتوج كان الأقوى والأفضل في كل شيء، بعد خوضه 22 مباراة جمع 48 نقطة حققها من 14 إنتصار و6 تعادلات وخسارتين، كان هجومه الأقوى بين الجميع مسجلا 39 هدفا وظل دفاعه الأفضل بتلقي شباكه 10 أهداف، ليحسن أرقام الموسم الماضي (46 نقطة، 31 هدفا مسجلا، 12 هدفا مقبولا، 4 هزائم).
جميع الأرقام تؤشر على أحقية الوحدات بالظفر باللقب، لكن مكاسب الفريق تجاوزت مسألة الحفاظ على البطولة فقط، حيث أثبت المدرب الشاب عبدالله أبو زمع (النجم السابق للفريق وقائد منتخب الأردن لسنوات) أن تتويجاته في الموسم الماضي لم تكن وليد صدفة، إذ أثبت هذا الموسم قدراته القيادية معلنا ميلاد “عقل تدريبي” جديد في الأردن، خصوصا بعد أن تجاوز العديد من الضغوطات التي تخللت في بعض فترات الموسم، لكن رغبة التحدي التي كسبها عندما كان لاعبا “مقاتلا” تجلّت من جديد وهو يقف في المنطقة الفنية ويقود “كوكبة” من اللاعبين، بل يمكن القول أن هذا المدرب كسب تحديّا من نوع آخر، حين زج بمجموعة كبيرة من الشباب وأطلق مواهب لا تتجاوز الـ22 سنة يمكن لها أن تكرّس هيمنة الأخضر لسنوات أخرى على البطولة، صبغ الوحدات البطولة بلونه وترك بصمته وعمّت الأفراح إبتهاجا بتواصل السيطرة.
منافسة الوصافة
شهد النصف الأول من البطولة تواجد فريق الرمثا في نفس مضمار المنافسة مع الوحدات، حيث لازمه جنبا إلى جنب في مرحلة الذهاب، لكن ما أن دخل النصف الثاني من الموسم حتى بدأ الفريق يتخلى عن المنافسة الجدية على اللقب الغائب عنه منذ سنوات طويلة، وبات تركيزه منصبا على الفوز بالمركز الثاني، لكن هذا الموقع المهم والمؤهل للمشاركة ببطولة كاس الإتحاد الآسيوي وجد منافسة “شرسة” من قبل الجزيرة أحد أعرق الأندية في تاريخ البطولة.
فريق الجزيرة صاحب (3 ألقاب آخرها 1956) والغائب منذ عقود طويلة عن مواقع المنافسة نجح في إنتزاع الترتيب الثاني مترجما جهود موسمين متتاليين، فبعد أن أنهى الموسم الماضي في المركز الثالث واصل تطوره الفني وحسم “معركة” الوصافة نهائيا بعد فوزه على الرمثا قبل أسبوعين على النهاية، فحصد (41 نقطة) متقدما على الرمثا (36 نقطة)، وذلك بفضل دفاعه الذي حل بالمركز الثاني من حيث النجاعة الدفاعية (قبل 15 هدفا) وهجومه الذي جاء كثالث أقوى الخطوط مسجلا (25 هدفا).
المنطقة الدافئة
دخلت ثلاثة فرق فقط في المنطقة الدافئة وهي التي كانت بعيدة نوعا ما عن التنافس على المراكز الثلاثة الأولى وضمنت بوقت مبكر الابتعاد عن حسابات خطر الهبوط للدرجة الأولى. حل فريق ذات راس ممثل مدينة الكرك الواقعة في جنوب الأردن في المركز الرابع للعام الثاني على التوالي مؤكداً الحالة الفنية التي جعلت منه “الحصان الأسود” في الموسم الماضي وهو الذي توج بلقب بطولة الكأس قبل موسمين، جمع الفريق (33 نقطة) ولولا البداية البطيئة في الأسبايع الأولى للبطولة لربما تقدم خطوة إضافية على سلم الترتيب.
لعل المفاجأة السارة تمثلت بفريق الأهلي أحد أربعة أندية بدأت المشاركة في أول نسخة من البطولة في العام 1944 وثالث أكثر من حصد اللقب (8 مرات)، فبعد غيابه عن البطولة في ثلاثة مواسم متتالية قضاها في الدرجة الأولى، عاد هذا الموسم ليجد طريقه نحو المركز الخامس مباشرة بعيدا عن مصاعب العودة والبناء من جديد فجمع 30 نقطة.
أما فريق الصريح القادم من مدينة إربد شمال الأردن أوجد لنفسه مكانة طيبة عندما حل بالمركز السادس بعد أن جمع أغلب نقاطه الـ28 في مرحلة الذهاب التي ظل فيها ضمن المربع الذهبي قبل أن تتراجع نتائجه في الأسبايع الأخيرة.
آخر الفرق في هذه المنطقة كان فريق الحسين الذي جمع 19 نقطة في النصف الأول من البطولة فلم يشعر بخطر الهبوط ولذلك لم يتأثر بتراجع نتائجه في النصف الثاني فحصد 7 نقاط فقط وإثر ذلك أجبر على التأخر للمركز التاسع في اليوم الأخير.
الهروب الأخير
شهد الدوري هذا الموسم حادثة فريدة، حيث عاش الفيصلي أكثر المتوجين بالبطولة (32 مرة) في نار الهبوط للدرجة الأولى بعد أن “تقهقر” من مركز الوصافة الموسم الماضي، لم يعرف الفريق ظروفا أسوأ من هذه التي عاشها طيلة هذا الموسم، فكان أحد المهددين للتخلي عن مكانه الطبيعي، حيث لم يسبق له وأن هبط للدرجة الأدني منذ إنطلاق البطولة. لم يعرف طعم الإنتصار في ثمان مباريات متتالية في مرحلة الإياب، واحتاج لإنتصارين في الأسبوعين الأخيرين ليضمن مكانه ويحتل المركز السابع بـ27 نقطة لكنه بحصيلة أهداف (14 فقط) هي الأقل في تاريخ الفريق وهي الأقل بين جميع هذا الموسم.
شرارة نار الهبوط كانت “تلسع” فريقي البقعة وشباب الأردن، كلاهما لم يتعوّد على هذا الموقف، البقعة كان أحد الأحصنة السوداء في مواسم كثيرة سابقة، ونجح في الحفاظ على مكانه بحصده 27 نقطة وضعته في المركز الثامن، فيما بقي شباب الأردن الذي صعد لعالم الأضواء منذ عقد من الزمن وانضم لنادي الأبطال بتتويجه باللقب مرتين آخرها قبل موسمين، بقي تحت الخطر وكان عليه الإنتظار للأسبوع الأخير ليؤمن مكانه في المركز العاشر بـ26 نقطة.
وداع مؤثر
حكم القدر على فريقي المنشية وإتحاد الرمثا وداع دوري المحترفين، لم يحقق إتحاد الرمثا أي نتائج إيجابية، فكان الفريق الوحيد الذي لم يسجل أي إنتصار واكتفى بست تعادلات مقابل 16 هزيمة ليكون أول من تأكد مغادرته، فيما حاول فريق المنشية الكفاح حتى اللحظة الأخيرة لكن رصيد الـ25 نقطة لم تمكنه من البقاء فاحتل المركز الحادي عشر وأخلى موقعه بعد أربع مواسم ناجحة بعد صعوده من الدرجة الأولى إلى دوري المحترفين.
هدّاف أتى من بعيد
واصل الدوري الأردني البحث عن الهداف الحقيقي من جديد، ولكن لم يظهر أحد ليأخذ دور البطولة، بل على العكس إنخفض مردود هدافي الفرق، فلم يتعدى أحدهم الأهداف العشرة لوقت طويل جداً، قبل أن يأتي المحترف السوري في فريق ذات راس معتز الصالحاني من الصفوف الخلفية ويخطف الصدارة وذلك بفضل إنجاز فريد عندما حقق خمسة أهداف كاملة في مرمى الحسين قبل ثلاثة أسابيع فقط من النهاية ليتوج بجائزة الهداف برصيد 11 هدفا.
الرقم
261- حصيلة عدد الأهداف التي سجلتها الفرق في المباريات الـ132 للبطولة، بما نسبته (1.97) هدفاً في المباراة الواحدة.
التصريحات
“كان موسما طويلا وشاقا، كان هدفنا الحفاظ على اللقب، ورغم الصعوبات كان العمل الجماعي وروح الفريق الواحد ما يميزنا، نجحنا في الوصول لما نريد واللقب هدية للجميع في نادي الوحدات والجماهير الكثيرة العاشقة لنا” عبدالله أبو زمع، مدرب الوحدات.