سيكون يوم غدٍ يوماً فاصلاً في مسار ومصير الكرة السعودية وذلك حين تحضر لجنة من الاتحاد الدولي لكرة القدم للوقوف على واقع الاتحاد السعودي من الداخل، والذي على إثره ستكون الأمور فيما بعد الزيارة ليس كما قبلها، لاسيما من جهة علاقة مجلس إدارة الاتحاد مع الجمعية العمومية، وهي العلاقة التي بلغت مستوى من التأزم والتصعيد وصل إلى زيورخ حيث مقر (الفيفا).
طاولة وفد (الفيفا) ستكون مزدحمة بملفات عديدة متخمة بأوراق تحمل شكاوى ومستندات ووثائق تدين “اتحاد عيد” بما مارسه من تعدٍ على النظام الأساسي، ومن تجاوزات مالية وإدارية تبدأ من تعطيل الجمعية العمومية واستلاب صلاحياتها، مروراً بالتعدي على اللجان القضائية وخرق الحياد اللازم حيالها، ولا تنتهي عند إخفاء الميزانية وقوائمها المالية والحساب الختامي لعامين متتالين عن الجمعية العمومية، عدا عن وقوفه متفرجاً إزاء الحملة الشرسة التي شنها بعض الأعضاء والعاملين في الاتحاد على أعضاء الجمعية العمومية واتهامهم بالتآمر والتزوير لمستندات بهدف إسقاط الاتحاد.
في الأيام الماضية حاول بعض أعضاء اتحاد الكرة التعمية على حقيقة الزيارة بوصفها زيارة روتينية حتى خال للمتابعين أن وفد (الفيفا) سيأتي للرياض ليستمتع بأجوائها الجميلة هذه الأيام ويقضي يومين في الثمامة في ضيافة أحمد عيد ورفاقه، خصوصاً وأن اتحاد الكرة لفرط ارتباكه لم يكشف حتى عن أن وفد (الفيفا) قادم لمراجعة النظام الأساسي، إلى أن أسقط في يدهم بعد تواتر الأخبار بشأن شكاوى الجمعية العمومية فما كان منهم إلا الاعتراف بحقيقة الزيارة ومع ذلك فقد حملت التصريحات الكثير من التناقض وبدا الارتباك سيد الموقف انتظاراً للعاصفة.
الأيام الماضية كذلك كشفت الستار عن حقيقة ما يجري داخل “بيت الكرة السعودي” ولم يعد خافياً على المحايدين أن ما يدور خلف جدران هذا الاتحاد إنما هي عملية تبادل منافع وتوزيع تركة على طريقة “زبطني وأزبطك”؛ خصوصاً فيما يتعلق بالمناصب الداخلية والخارجية وأمور أخرى كثيرة تحتاج إلى كشف حقيقتها عبر لجنة (الفيفا) لتقصي الحقائق ولجان أخرى تشرف عليها اللجنة الأولمبية السعودية لاسيما فيما يتعلق بالأمور المالية لحجم خطورتها.
حساسية الأمور المالية هي التي تدفع إلى حتمية تقصي الحقائق بشأنها ليس اتهاماً للاتحاد وأعضائه ولا تخويناً لهم – حاشا لله – لكن مع طبيعة حساسية الملفات المالية في أي جهة ومع دخول وخروج مئات الملايين من الريالات لصندوق الاتحاد تجعل من اللازم ضبط الأمور المالية بحيث تكون من الدقة في الرصد، والحذر في الصرف، والشفافية في التعاطي مع كافة الأطراف ذات العلاقة ما يدفع عن الاتحاد أي ريبة ومن أي نوع كانت، خصوصاً وأن تلك الملايين هي مال عام وليس ملكاً لأعضاء الاتحاد بل هم مؤتمنون عليها.
الحقيقة أن ما يحيق بالكرة السعودية اليوم مؤلم إن على المستوى الفني أو على صعيد النتائج فضلاً عن الجانب الإداري والذي أوصل الأمور إلى دخول (الفيفا) على الخط، لكن ما يخفف من حجم الألم أن كل ذلك يكرس لحالة ديموقراطية جديدة لعلها تشكل خبرة وسنداً لأي اتحاد منتخب قادم بعدما حاول هذا الاتحاد اختطاف الكرة السعودية بحجة أنه منتخب، لكن لن يكون ذلك إلا بعد أن تتضح حقيقة ما وصفت بأنها زيارة روتينية!