قرارات هامة ومتغيرات كثيرة عاشتها رياضتنا في غضون الأشهر الثمانية الماضية، بعضها كان يحتاج إلى سنوات لإنجازها، إما لغياب العمل الاستراتيجي، أو للتهاون في حتمية التغيير وحاجة رياضتنا له، ورغم ذلك لم تجد التفاعل إن بسبب ضعف اهتمام وثقافة الكثير من المتابعين بالرياضات الأخرى غير كرة القدم، أو لانشغال البعض منهم بقضايا يومية تتعلق بالأندية واتحاد الكرة بما فيها من إثارة وصخب.
لنأخذ أمثلة على ذلك: عقد ورشة عمل ضخمة مع رؤوساء الاتحادات الرياضية للوقوف على تفاصيل معاناة الاتحادات. وضع استراتيجية رياضية بالتعاقد مع شركة عالمية ذات اختصاص وخبرة في هذا المجال للنهوض بالألعاب وزيادة غلة الإنجازات. تطوير هيكلة اللجنة الأولمبية السعودية على الصعيدين الإداري والفني واللوجستي. تهيئة المدن الرياضية والمعسكرات بما يضمن بيئة رياضية مناسبة للاتحادات الرياضية. معالجة المكافآت والبدلات للاعبين في البطولات والمعسكرات الداخلية والخارجية. العمل على تأسيس قناة تلفزيونية تعنى بكافة الألعاب لاسيما الألعاب المختلفة. صرف ميزانية الاتحادات الرياضية دفعة واحدة، وأخيراً العمل الجاد على تفعيل علاقة الرياضة بالتعليم من خلال التأسيس لشراكة حقيقية مع وزارة التعليم.
كل تلك القرارات وغيرها من شأنها أن تضع القطار الرياضي السعودي على السكة الصحيحة للولوج إلى محطات الإنجازات التي تليق مع قيمة المملكة ومقدراتها المالية والبشرية؛ والأمل يتضاعف لدى المراقبين لهذا العمل بالقدرة على تحقيق ذلك في ظل معرفتهم بالخبرة الإدارية والتمرس الرياضي وروح التحدي لدى الأمير عبدالله بن مساعد؛ لكن الحقيقة التي لا مفرّ منها أن حصة الرياضة والشباب في ميزانية الدولة العامة بما فيها من بنود متشعبة تقتطع حصة الأسد من الجانب الفني البحت لا تدفع على التحليق بعيداً، فأجنحة التفاؤل تصطدم بواقع يقوم على أن مركب الانجاز لا ينفك عن المال كعنصر رئيس من عناصره.
قبل نحو شهر اقترحت هنا بأن تتبنى الدولة إطلاق مشروع يعنى بتطوير الرياضة تحت مسمى “برنامج الملك سلمان لتطوير الرياضة”، ولا زلت مؤمناً بظهوره للنور قريباً؛ إذ لا سبيل لتحقيق نهضة رياضية شاملة إلا بأن تكون الرياضة استراتيجية وطنية وهو ما تقوم عليه الدول الكبرى التي تتسيد العالم اليوم رياضياً؛ ولكن يبقى الأمل كبيراً أيضاً ونحن نقف على اللقاء الذي جمع الرئيس العام لرعاية الشباب بوزير التعليم بحضور رؤوساء الاتحاد الرياضية كون شراكة الرياضة بالتعليم هي إحدى مفاعيل التطور الرياضي في العالم.
الصين مثلاً والتي تبسط نفوذها على المشهد الرياضي مزاحمة الولايات المتحدة الأمريكية بفرض نفسها كقطب ثانٍ عالمياً والأوحد آسيوياً ما كان لها هذا الحضور لولا الاستراتيجية الوطنية الكبرى والتي تبدأ بالميزانيات ذات الأرقام الفلكية، ولا تنتهي عند دمج الرياضة مع التعليم وهي الشراكة التي باتت أنموذجا عالميا في صناعة الرياضي البطل، الأمر كذلك في بريطانيا ثالثة أولمبياد لندن 65 ميدالية اعتبرت انجازاً كبيراً للدولة، وهي التي كشفت في بيان حكومي لها بأن اللاعبين الذين أحرزوا أكثر من نصف الميداليات في الأولمبياد انحدروا من مدارس خاصة تهتم بالرياضة التنافسية لتلاميذها.
آمالنا تكبر بمستقبل يبدد الإحباط “الأولمبي” الذي يسكننا منذ سنين كون الأمير عبدالله بن مساعد بوصفه رئيساً لرعاية الشباب وللجنة الأولمبية هو رياضي بامتياز، ومثله في ذلك الدكتور عزام الدخيّل بوصفه وزيراً للتعليم فهو ابن شرعي للرياضة وإعلامها، وهو ما يجعلنا نستزرع التفاؤل في نفوسنا بانتظار أن نحصد رياضة سعودية تنافسية نفاخر بمنتجها العالم.