أثارت قضية انتقال اللاعب سعيد المولد من الأهلي إلى جاره الاتحاد الكثير من النقاش الذي وصل إلى مرحلة الجدال، وشغلت جماهير جدة لفترة ليست بالقصيرة وستبقى شغلها الشاغل حتى بعد نهايتها التي قد تكون سعيدة لأحد الطرفين وحزينة للطرف الآخر.
ورغم أن مسألة انتقال أي لاعب من ناد إلى ناد آخر في جميع أنحاء العالم قد تمر مرور الكرام أو قد تذكر كخبر موجز لا يتجاوز بضعة أسطر، إلا أن قضية المولد أخذت بعداً أكبر وصل إلى مرحلة تبادل خلالها عشاق الفريقين الاتهامات وفتح كل منهما دفاتره القديمة ليذكر الطرف الآخر بقضايا مشابهة مضى عليها سنوات طويلة، ويبدو أن المنافسة التقليدية الكبيرة بين الناديين على زعامة عروس البحر الأحمر أعطت لقصة انتقال المولد حجماً أكبر من حجمها الطبيعي بكثير.
القصة باختصار أن المولد وقع عقداً إحترافياً مع إدارة الأهلي عام 2012 لمدة (3) سنوات، وقبل نهاية العقد بـ7 أشهر وبالتحديد في يونيو 2014 عرضت عليه الإدارة تجديد العقد ولكن الطرفان لم يتوصلا إلى اتفاق حول المبلغ الذي سيتقاضاه اللاعب مقابل توقيع العقد الجديد، ولم تقدم الإدارة بعدها أي عرض آخر.
إدارة الاتحاد كانت تتابع التطورات وانتظرت (3) أشهر وبالتحديد إلى شهر سبتمبر من نفس العام أي قبيل (4) أشهر من نهاية عقد اللاعب مع ناديه وقدمت عرضها للمولد بطريقة قانونية للانتقال لصفوف فريقها الكروي، فوافق الأخير وتم توقيع العقد بحضور والده ووكيل أعماله ورئيس نادي الاتحاد.
الخبر وصل إلى إدارة الأهلي وشكل صدمة كبيرة بالنسبة لها فبدأت بالبحث عن طرق قانونية ـ وغير قانونية ـ لاستعادة لاعبها أو على الأقل لحفظ حقوقها رغم إدراكها التام بصعوبة الوضع، البداية كانت عبر محاولات عدد من أعضاء الشرف دفع مبلغ من المال لإدارة الاتحاد لاستعادة اللاعب بشكل سري، ولكن الأخيرة رفضت، فلجأت إدارة الأهلي إلى حرب البيانات فأصدرها بينها المشهور بـ60 صفحة والذي لم يكن يساوي قيمة الحبر الذي كتب به في محاولة للتأثير على لجنة الاحتراف، في وقت التزمت فيه إدارة الاتحاد الصمت لإدراكها التام بقوة موقفها وبأن اللاعب بات على كشوف فريقها.
لجنة الاحتراف صبت الزيت على النار بتأخرها في اتخاذ القرار، ووضع عشاق العميد أيديهم على قلوبهم خوفاً من تدخلات خارجية تغير مجرى القضية، ولكن في النهاية لا يصح إلا الصحيح …المولد اتحادي… كلمتان اختصرتا كل شيء وكانتا بمثابة نهاية القضية بالنسبة للاتحاد وبداية المعركة بالنسبة للأهلي.
إدارة الأهلي قررت الاستئناف وهددت باللجوء إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم وإلى محكمة التحكيم الرياضية، مستندة إلى رغبة اللاعب في البقاء في صفوف فريقها، والمشكلة أن الأخيران لا يعترفان بالعواطف وبأن اللاعب نادم على توقيع العقد ويرغب بالبقاء في ناديه، بل يعترفان بالعقود الموقعة والموثقة والملزمة وبالتالي إمكانية صدور قرار ببقاء اللاعب في ناديه تبدو معدومة… ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا …ما هي رغبة المولد ..؟ وهل يرغب بالفعل في البقاء..؟ أم أنه تعرض لضغوطات شرفية وجماهيرية ليعود عن قراره ..؟ وطالما أنه سعيد في ناديه لماذا وقع على عقد انتقاله إلى العميد..؟
ما جرى كانت بمثابة جرس الإنذار ودرساً لكل الأندية وفي مقدمتها الأهلي حيث سارعت إدارة الأخير لتجديد عقد لاعبها محمد آل فتيل، ووضعت محسن العيسى على قائمة الانتقالات خوفاً من إغراءات بقية الأندية، ولكن خطوتها جاءت متأخرة بعض الشيء وبعد خسارتها للاعب رفضت منحه بضعة آلاف من الريالات زيادة على عقده ولكنها قد تدفع الملايين للتعاقد مع بديل له.
عودة المولد للأهلي ممكنة في حالتين …الأولى أن يرفض تنفيذ العقد مع الاتحاد ويرفض اللعب له وبالتالي سيتعرض للغرامة والإيقاف طوال فترة سريان عقده المقدرة بـ4 سنوات، وبعدها يمكن للأهلي التعاقد معه، والثانية أن يقوم الملكي بشراء اللاعب من العميد ولكنه سيضطر لدفع أضعاف ما كان يطالب به المولد ـ في حال وافقت إدارة الاتحاد على بيع عقد اللاعب ـ وهو أمر يبدو مستبعداً في ظل رغبة الأخيرة بتدعيم صفوف فريقها استعداداً للدور الثاني لدوري جميل ولكأس خادم الحرمين الشريفين .
** عيسى صالح ناصر **