حراك يفرز داخل محيطه، لم يعد ذلك الهدوء عنوانه، ولم تعد الحكمة مسكنه، ولم يعد الجمال ينطبق عليه.
عجائب وغرائب من كل حدب وصوب تشتعل فيه، صيف شتاء، فلم يعد يفرق بين الفصول ولا بين الليل والنهار.
كل شيء في هذا الكيان يكبر وينتفخ وكل حبة تتحول لقبة، وكل بقعة مياه في أرضه تتحول لأنهار وبحار تمتد لحدود جبال الهملايا.
محبوه لا يتمنون هذا الصيت خارج المستطيل الأخضر، وهم الذين أكلوا الأخضر واليابس في الألقاب والبطولات، أما خصومه فيتمنونه مدا لا ينقطع؛ لأنه يشغل الهلاليين عن الوصول لبوابة الانتصارات التي اعتادوها على مدار ربع قرن وأكثر.
غارقون في الفوضى من الرأس حتى أكحل القدمين، وهم الذين كان شعارهم الكتمان، وكلمتهم لا تخرج من سور ناديهم، ولكن يبدو أن مقولة بقاء الحال من المحال قد حاصرته ونالت منه.
شهور تمضي، وهذا الأزرق لم يعرف طعم الراحة في مسيرته، فالأوجاع تتناوب عليه، ولم تفلح معه كل التشخيصات التي أجريت على جسده المنهك، فصرخة الداء تزداد، وتتسع رقعتها، ولا دواء حقيقي لها، فالعملية ما زالت تترجح بين عناد دكتور ورفض مريض، والحالة مستعصية.
وبصراحة لا يستطيع أي دواء في العالم أن يسكن آلام الجسد الأزرق، فأمراضه متتالية في فترة زمنية قصيرة، وليس بمقدورها أن تأخذ حتى تنهيدة لوداع جرح غائر هنا، واستقبال آهة جديدة هناك، فالتشخيص الخاطىء يؤدي لنتائج كارثية.
تتبعوا منذ النهائي الآسيوي، كم أزمة مرت بالهلال؟!
قارنوا بين صخب الأزرق في الحاضر وماضيه الذي كان لا يتحدث إلا بالألقاب والبطولات.
بل حتى قارنوه بأندية الصخب التي انهكتها الهموم ماضيا واشتعلت بالألقاب حاضرا، لتقتنعوا أن المعادلة بينه وبين غيره تبدلت، فكل طرف أخذ موقع الآخر، من كان يصرخ أصبح يضحك، ومن كان يضحك أصبح يصرخ.
والمسلسل لم ينته بعد، ما دام المؤلف مصرا على نفس القصة، والمخرج على نفس الفكرة، والممثلون على مسرح الأزرق يرضون بدور الكمبارس، والجمهور أصبح يقتنع بمواقف الكوميديا.
كثيرون ينتظرون غيمة هدوء وسكينة في سماء الزعيم؛ لأخذ قسط من الراحة، ولبدء مرحلة جديدة يحكي فيها أصالته ونهجه وعنوانه.
اصمتوا من أجل ناديكم واتركوا الصغائر خلف ظهوركم وارحموا جمهوركم.
اقفلوا ملفات العناد والمكابرة وملفات القيل والقال؛ حتى يعود هلالكم “هلالا”.
عودوا لحكمتكم، وفتشوا عن عناوينكم وحكايتكم، فالدور الذي تقومون به في وقتنا الراهن كان يسمى في أدبياتكم ونصكم “تهريجا”، فقط أقرأوا ما كتبتموه سابقا.
مقالة للكاتب عيسى الجوكم عن جريدة اليوم