الوطنية كلمة مطاطة نستخدمها متى نشاء ونتجاهلها حيث نشاء، فالمواقف والرغبات هي من تحدد توقيت الزج بهذه المفردة أو تجاهلها، فعلى سبيل المثال من الممكن أن تكون اليوم وطنيا يصفق لك القاصي والداني وأنت أبعد ما تكون عنها، وعلى النقيض تماما تجرد من وطنيتك أحيانا حتى وإن كنت على حق وتصرفك نابع من دافع وطني بحت.
المسألة هنا أضحت بالمقلوب، لا يحكمها دين أو عقل أو منطق، الأهواء والميول باتت تلعب فينا يمنة ويسرة، حتى بتنا أسرى لآفة التعصب الممقوت، فبالأمس جرد سالم الدوسري من وطنيته؛ بسبب إصابته وحضوره بالعكازين في مشهد مضحك ومبكٍ معاً، تماما كما فعل التيار المضاد مع جبيرة إبراهيم غالب الأخيرة، والتي على ضوئها استبعد من تشكيلة الأخضر، ومع ذلك اتهم في ولائه للمنتخب وأنه يتهرب من تمثيله.
ثالثة الأثافي، المشكلة التي حدثت بين الشمراني ناصر وأحد المشجعين في ملعب مباراة الأخضر والبحرين الودية يوم أمس الأول، حيث تم تجريد الشمراني من وطنيته ووصموه بأبشع الألقاب والأوصاف، في مشهد مقزز للغاية.
المشكلة لدينا ليست في خطأ غير مقصود أو مجرد حدث عابر، بل المشكلة تكمن في عقول بالية وأمزجة مخترقة وأهواء ملوثة بداء التعصب الكريه، فالشمراني أخطأ وكل من يحاول التبرير له يشاركه الخطأ ذاته، ولكن المؤلم في الموضوع محاولة التجريد والإقصاء التي يكرس لها الكثير ممن ابتليت بهم رياضتنا وإعلامنا.
المواقف المشابهة والحالات المستنسخة كثيرة وليس بالإمكان ذكرها أو محاولة التعريض لها، الكل فيها يغني على ليلاه، صمت أذاننا وتعكر صفونا وبتنا نكره متابعة البرامج وقراءة الصحف وآخر المستجدات في مواقع التواصل الاجتماعي بسببهم، وبسبب رائحة التعصب النتنة التي تنبعث من خلالهم وخلالها.
الوطنية أسمى بكثير يا هؤلاء، ومنتخب الوطن أعلى وأجلُ من خربشات المغرضين والحاقدين، ونجومنا الذين يمثلوننا في مختلف المسابقات والاستحقاقات ينتظرون منا العون والشد من أرزهم، لا التشكيك والتخوين وتفرقة الصف وبث الفتنة، فالفتنة نائمة ولعن الله من أيقظها.
قذائف شمالية
ناصر الشمراني يحتاج إلى مراجعة حساباته كثيرا، وعليه أن يقتدي بمن سبقه من النجوم الذين امتزجت مهاراتهم بأخلاقهم، كما أن على المسؤول ومن يعنيه أمر اللاعب أن “يقرص” أذنه؛ كي لا تتسع الفجوة ويحدث ما لا تحمد عقباه.
خرجوا من جحورهم بعد الحادثة مباشرة، هكذا كان ديدنهم ولا يزال.
الإعلام رسالة وأمانة، فمتى يدرك هواة الفتنة والإثارة أنهم ذات يوم سيسألون عما كانوا يفعلون.
خسارة الأخضر أمام البحرين في المباراة الودية نفعها أكبر من ضررها، والأمل كل الأمل أن يقدم صقورنا في البطولة مستوى مشرفا بعيدا عن تحقيق اللقب.
كوزمين ليس كل الحل، ومن يعتقد ذلك فهو مخطئ تماما، هو كالإبرة المسكنة لألم خطأ تسبب فيه من يعنيه أمر المنتخب.
وعلى دروب الخير ..ألتقيكم بحول الله في الأسبوع القادم.