بتال القوس يكتب: أصعب شهرين لرئيس الهلال!

ستة مواسم قضاها الأمير عبدالرحمن بن مساعد رئيسا للهلال، عبر بأزرقه مزالق وطرقا وعرة عديدة، قاتل جبهات داخلية وخارجية، صافح أكفا في وقت يفرض عليه الموقف مصافحتها، وأعرض عن وجوه فرض عليه الظرف الزمني الإعراض عنها، أحب في الهلال وخاصم في الهلال، كان سياسيا أكثر منه رئيس ناد رياضي.

طوال المواسم الستة، خاص الرئيس القائد معارك ساخنة. حمله الهلاليون على الأكتاف في جلها، وطالبوا برحيله في بعضها، وظل هو بين الصفوف يتحرك بخفة ورشاقة لافتتين، يهادن هنا، ويقاتل هناك، يمد شعرة معاوية ويرخيها مع كل الأطراف، لم يهتم بمن وصفوه بضعف الشخصية في مواقف، ولم يحتفل أمام مريديه على الملأ.

.. طوال فترة رئاسته، ظل عبدالرحمن يخرج من معركة ويدخل أخرى، يسجله التاريخ الأزرق أول رئيس للهلال يخوض هذا الكم الكبير من المعارك على الجبهة الداخلية. وقف أمام أعضاء الشرف القدماء وبعض الجدد وأعلن التعاقد مع الجابر مدربا في مغامرة مثيرة، كانت مكاسبه فيها تتجه إلى أهداف لم ينتبه لها المشجع البسيط، ثم مد يده لأعضاء الشرف مجددا وأعرض عن المدرج وهو يعلن إقالة الجابر نفسه.

عبدالرحمن بن مساعد الشاعر المختلف والخطيب المفوه، لو لم يكتب في تاريخه إلا قصيدة البرواز لكفته تاريخا وحدها، يخوض هذا الأيام أصعب شهرين في تاريخ ولايتيه الرئاسيتين، ولا تتمنى لعدو أن يكون مكانه، فكيف بصديق؟. فريقه للتو تبخرت أجمل أحلامه بسيناريو درامي عجيب لو كتبه أشرس خصومه ما بلغ تفاصيله السوداء المميتة، وحينما عادت قدماه إلى التماسك تفجرت مشكلات مالية آنية وفنية.

.. في الشهرين المقبلين، يبدو الأمير الرئيس مطالبا بتوفير أكثر من 40 مليون ريال في وقت قياسي، لا تدخل ضمنها رواتب اللاعبين والفنيين والإداريين. شكاوى على ناديه تصل إلى 23 مليونا، يضاف إليها تعاقدات إجبارية في فصل الشتاء، والتعاقدات تفرض استغناءات لا تتم إلا بالمال أيضا.

إذا سلمنا بأن رئيس الأزرق سيحاول تخفيض المطالبات المالية إلى 15 مليونا فقط بالود والعلاقات وموافقة بعض الدائنين على التأجيل، فإن إصابة ياسر ووقف ناصر تلزمانه بمهاجم إجنبي كبير لن تقل قيمته عن خمسة ملايين دولار، وهذا يعني الاستغناء عن لاعب أجنبي من الرباعي الموجود حاليا، والاستغناء نفسه يفرض توفير أموال كشروط جزائية أو مستحقات سابقة، تتراوح بين المليون والمليونين.

في ظل غياب ناصر، المهاجم الأجنبي وحده لا يكفي، من سيكون بديله في دور المجموعات والـ 16 الآسيوي، لا بد أيضا من مهاجم آخر، والحل استعارة لاعب محلي مهم كمختار فلاتة أو مهند عسيري، وهذه فاتورة إضافية لن تقل عن ثلاثة ملايين ريال. جمهور الهلال نفسه، يعيب دائما على إدارة عبدالرحمن بن مساعد، عدم قدرتها على توقيع صفقة محلية فارقة منذ أن جلس الرئيس على الكرسي الأسخن باستثناء صفقة الشمراني، ولذلك لن يرضى بدور المتفرج على سباق الأندية نحو الفوز بخدمات هزازي، هذا أيضا حمل ثقيل إضافي.

أمام هذا، سيقول بعض القراء إن كل الأندية السعودية مدينة، وهذا صحيح، وبعضها وفق المجموع العام للدين، يعتبر الهلال مليونيرا مقارنة بها، لكن مشكلة الأزرق الكبيرة أنه مطالب بهذا المبلغ الكبير في وقت آني عاجل الدفع، ولا يمكن أن تقنع مشجعا هلاليا عقلانيا أو مهووسا بالأزرق، بعدم الحاجة إلى مهاجم أجنبي الآن، وآخر بديل، ناهيك عن صعوبة إقناع القادسية والتعاون والشباب بالتنازل عن أموالهم أو تأجيلها بالكامل.

الفاتورة باهظة الثمن ومواعيد السداد آنية، ماذا عن الإيرادات والنادي لديه أكبر قائمة من الرعاة؟ لا يمكن لكاتب أن يجيب، فلا نعرف كم صرف وكم بقي، وهل سحب على الحساب مقدما، وما المبالغ الإجمالية بدقة.

.. مع أصدقائي الهلاليين كنت أستمع دائما لانتقاداتهم لعبدالرحمن، وعندما أقول إنه ذكي مرسته دوواين السياسة، يتفقون، اليوم أظنه في الاختبار الأصعب ليس لذكائه، بل لقدراته القيادية، وهو الذي عبر في طرق زلقة بسلام طوال السنين الست.

مقالة للكاتب بتال القوس عن جريدة الاقتصادية

7