بعض الرموز يقفزون على أسمائهم, ليرتبط بهم المكان والزمان , فلا تكاد تذكر سيرة التاريخ في مدنهم ومناطقهم وبلدانهم, إلا وترسم ملامحهم في سؤال السائل, أو إجابة العارف .
في الساحل الشرقي هناك نفط يهز العالم , وهناك زياني يهز المشاعر , فالجملة لا تكتمل في الدمام إلا بهذه الطريقة , والتاريخ يقول خير النفط بدأ يتدفق أواخر السبعينات ومطلع الثمانينات من القرن الماضي , وفجر الكرة السعودية بزغ أيضا في حقبة الثمانينات مع كأس آسيا والتأهل لأولمبياد لوس انجلوس بقيادة البلدوزر خليل الزياني .
لا أبالغ إذا قلت : إنني أحتاج للسيد الشعر وللملك النثر وللفتاة الفاتنة (الرواية) القصيرة منها في السرد أو الطويلة ذات ألف ليلة وليلة, ولكل مفردات الأدب العربي , من أجل وصف الحالة التي عاشها الرياضيون إبان تواجد أمير القلوب خليل الزياني في رحلته العلاجية بألمانيا.
فقد رسم لنا خطا آخر في وسطنا الرياضي يختلف عن ثقافة الكراهية والتشنج والعك والمكر الذي نعايشه يوميا في كل صغيرة وكبيرة تخص المجنونة كرة القدم وتوابعها .
نعم خط جديد أشعرنا بدفء المحبة والاحترام والتقدير لرمز قدم لوطنه البسمة والفرحة , فتذكره الجميع لا سيما أننا نعيش زمنا غير ذلك الزمن الذي أشاع فيه خليل الزياني لغة الفرح من الشمال للجنوب ومن الشرق للغرب في مملكة الإنجاز .
( أبو إبراهيم ) واحة من جمال النفس , وتاريخ متحرك , ولسان مهذب , في أحلك الظروف كان يتمتع بالصبر , ويخفي ألمه في ( اتفاقه ) يعمل في الخفاء لإصلاح ما تصدع في ناديه , وأهل المرج والهرج يرمونه بالسهام , وكان كظم الغيظ شعاره وعنوانه .
الزياني اسم متفق عليه في كل الأزمات , وشخصية مقبولة من كل الأطراف وسط الخلافات العاصفة في ناديه , باختصار هو حمامة سلام أعطى لاتفاقه أكثر مما أخذ , وما دام الجميع متفقا على حكمته أعطوه أيها الاتفاقيون خيط المبادرة لإنهاء حالة المد والجزر بين أطراف المعادلة المتباعدة .
الزياني تاريخ يجبر من يقرأ فصوله على التوقف عند صفحاته بدهشة الإنجاز , وتغيير خارطة الكرة السعودية , ليس فقط على مستوى الأندية خارجيا عندما حقق فريقه الاتفاق تحت إشرافه أول بطولة خارجية للكرة السعودية عام 82 وهي دورة الخليج للأندية أمام العربي الكويتي في الدوحة , وليس كونه أول من حقق لقبا عربيا للأندية السعودية مع الاتفاق عام 84 , وليس كونه المدرب الذي حقق شبه معجزة بالفوز على منتخب العراق ( الرشيد العراقي ) عام 88 بالشارقة , بل لأنه فتح الباب على مصراعيه لإنجازات الكرة السعودية قاريا بتحقيق الأخضر كأس آسيا تحت إشرافه , لتنطلق بعدها الكرة السعودية لآفاق واسعة .
مقالة للكاتب عيسى الجوكم عن جريدة اليوم