تشهد علي هذه المساحة أنني كنت من المستبشرين بتكليف الأمير عبدالله بن مساعد بمسؤولية الرئاسة العامة لرعاية الشباب، إذ كتبت هنا سلسلة مقالات عن الرئيس الجديد وما نأمله منه، وما زلت عند هذا الموقف حتى اللحظة، لقناعتي الكاملة بأن الفترة اعتباراً من تكليفه حتى اليوم ما زالت قصيرة وغير كافية لإجراء تغييرات ملموسة، وأتذكر أن مما أشرت إليه في مقالاتي السابقة هو مطالبتي له بأن يركز على تطوير الأندية لأنها الأساس وألا يتدخل في عمل اتحاد القدم، لكن يبدو أن حماسته الكبيرة وتحفيز المحيطين به يدفعانه نحو التدخل، وأخشى أن يؤثر هذا الاندفاع العاطفي في مستقبل التركيبة الرياضية، فيسن سنة التدخل في عمل الاتحاد ويعيدنا إلى الوراء سنوات، كذلك ربما يفتح على نفسه أبواب النقد في حال إخفاق المنتخب، ويتشتت تركيزه عن المهمة الأساسية التي جاء من أجلها. وللحق أقول، إن من أميز البصمات التي تركها الأمير نواف بن فيصل هو فصل الاتحاد عن رعاية الشباب وتطبيق الانتخابات بشكل كامل على اتحاد القدم، وهما خطوتان مهمتان في مسيرة الرياضة السعودية، انتظرنا تطبيقهما لسنوات طويلة. أعلم أن تعديلات النظام الأساسي لا تزال حبيسة الأدراج، وأعضاء الجمعية العمومية يرون أنهم لا يمارسون صلاحياتهم المشروعة، بينما مجلس الاتحاد يتعذر بعدم تحديث اللائحة، وأصبح الكثيرون يناقشون فكرة انتخاب المجلس عن طريق القوائم، بحيث يختار الرئيس قائمة أعضاء المجلس، وهنا أستطيع أقول إن هذا التوجه بمثابة إلغاء الانتخابات، أي أنه لم يعد بإمكان أي شخص أن يرشح نفسه لعضوية الاتحاد، كما أن هذا ينسف الاستقلالية لدى أعضاء المجلس، إذ إنهم سيأتون عن طريق الرئيس، وبالتالي لا يمكن لأي منهم أن يخالف آراء الرئيس إلا من كان ناكراً للجميل!
أتفهم أن الديموقراطية المطلقة ليست دائماً هي الحل الأمثل وأن لها بعض المساوئ، خصوصاً في المجتمعات التي لا تزال تحتاج إلى المزيد من الوعي، لكن التراجع عنها في انتخابات الاتحاد بمثابة العودة خطوات طويلة إلى الوراء، فمثلاً قد يحرم صندوق الاقتراع بعض الكفاءات المتخصصة في القانون والتسويق والمالية من الدخول إلى المجلس، وبالتالي يفتقد الرئيس المعاونين الأكفاء في هذه المجالات المهمة، وهنا قد يتم التغلب على هذا التحدي بالسماح لكل رئيس بتقديم قائمة لا تقل عن أربعة أشخاص متخصصين ومؤهلين علمياً وعملياً في المجالات المهمة، بحيث يدخلون معه في المجلس إذا ما فاز في الانتخابات، على أن تبقى المقاعد المتبقية متاحة لبقية المرشحين، ويبقى صندوق الاقتراع هو الفيصل، في هذه الحال بإمكاننا أن نقول إن الرئيس ضمن دخول الكفاءات التي يحتاج إليها معه في المجلس، من دون أن يسيطر على القرارات أو يؤثر في استقلالية بقية الأعضاء، أما في حال الدخول بقائمة رفقاء الرئيس، فإن المجلس سيفتقد أهم سماته وهي تعددية الآراء والاختلاف وعدم تمكن الرئيس من فرض القرارات التي يريدها، وهذه الحال أشبه بالفروقات بين الشركات العائلية والشركات المساهمة من حيث الإدارة والتميز.
تدخل عبدالله بن مساعد في اتحاد القدم، أتمنى ألا يفقدنا عبدالله بن مساعد الذي انتظرناه طويلاً لتطوير الأندية والألعاب الأولمبية.
مقالة للكاتب مسلي آل معمر عن جريدة الحياة