دورة الخليج لم تسلم من جنون الكرة، حيث ان استمرارها طيلة 44 عاما يؤكد عشق اهل الخليج لفنون الكرة بجنون ايضاً، وما يؤكد جنون الساحرة المستديرة هو صرف مبالغ طائلة عليها طيلة 22 دورة اقيمت حتى الان وما يميز تلك البطولة انها جمعت بين الرسمية والشعبية فاضافة لتعلق أهل الخليج بها يأتي اهتمام القادة السياسيين بها وحرصهم على الحضور مما يضيف لها أهمية وصخبا اعلاميا.
فالكرة أصبح لها إحساس وذوق وفن ومتعة.. لم تعُد جامدًا.. بل هي عالم مؤثر في المال والاقتصاد والاجتماع.. أليس كذلك..؟! ودورة الخليج أخذت نصيبها وتبوأت مكانتها بين البطولات الاقليمية على الصعيد الاقتصادي والشغف الجماهيري بها.
وعرفت انها بطولة الأثرياء الذين هبطوا عليها بالباراشوت، ولا تقل عن بطولات كثيرة من حيث القيمة الاقتصادية والمالية.
كرة القدم التي رفعت فقراء لا يجدون قوت يومهم لأثرياء يتلاعبون بالملايين.. وأوقعت أغنياء في حفرة الفقر بسبب المراهنات.. وأبكت رؤساء دول لم تهزّهم الحروب.. وكانوا عظماء وشرسين انتصروا في حروب عالمية كبرى.. ولكن عندما تخسر منتخبات بلادهم في كرة القدم.. يذرفون الدمع أمام الجميع دونما خجل.
كرة القدم.. تلك التي بدأت بالمُتعة للبشر.. دخلت العالم المجنون لصناعة تجارية مربحة بالمليارات.. وأصبح نجومها الأشهر والأغنى في العالم.. فكلّ الناس يعرفون ميسي لكنهم لا يعرفون رئيس الأرجنتين.. وكل البشر يعرفون كريستيان رونالدو لكنهم لا يعرفون رئيس البرتغال.
لا تعترف بصديق وعدو.. كلاهما في أجندتها صنف واحد.. تصبح صديقة وعدوًا في آنٍ واحد.. تفرح وتبكي.. لديها آلية تحكم في قلوب ملايين البشر.. رغم أنها جماد يركلها مَن يشاء.. لكنها تضحك في نهاية المطاف.. فهي المعشوقة في الأحياء والقرى والمدن والدول.. متوغِّلة في قلوب الفقراء والأغنياء.. يُحبها الأبيض والأسود والصغير والكبير والمثقف والجاهل.. ويصرف من أجلها مليارات الدولارات.. التي لو وزِّعت على مجاعة العالم لحُلّ هذا الملف العالق من أساسه.
اعتراف الفيفا الرسمي وليس الضمني بكأس الخليج العربي بات ضرورة ملحة، بعدما شاهدنا لاعبين من منتخب العراق يتركان فريقهما وهو في عز «معمعة» البطولة للحاق بفريقيهما في الدوري الانجليزي والدوري التركي، وإن كانت هذه ليست الحالة الوحيدة التي منعت اللاعبين من التواجد في البطولات الخليجية حيث سبق وأن غاب الحارس العماني علي الحبسي عن منتخب بلاده لعدم سماح ناديه الانجليزي بالتواجد في البطولة.
البطولة الخليجية لم تنل حظها من اعتراف الفيفا، رغم المحاولات الكثيرة من إدراجها على روزنامة الاتحاد الدولي، ربما لعدم الحاح مسؤولي كرة القدم الخليجية وسعيهم الحثيث لنيل الاعتراف الرسمي بها، لكن من الممكن ان يتراجع الأداء الفني للبطولة في المستقبل القريب في حالة تكرار حالات الغياب وهذا أمر متوقع، لاسيما وان الاحتراف الخارجي بات حلم كل لاعب خليجي.