أخطر ما يمكن ان يتهدد الهلال قبل مواجهة الإياب مع ويسترن سيدني في نهائي دوري أبطال آسيا، هو الركون إلى ما قدمه الفريق من مستوى متميز في مواجهة الذهاب الذي لم ينقصه ليكتمل سوى تراقص الشباك الاسترالية التي تمنعت رغم محاولات الشمراني والدوسري والزوري في استمالتها غير مرة؛ لكن ذلك لم يكن كافياً ليكون مهراً للفوز، ومع ذلك خرج الكثير من الهلاليين بمختلف شرائحهم رافعين راية التفاؤل المطلق على سارية الآمال المبنية على معطيات مباراة الذهاب.
هذا الواقع يظهر بجلاء أن الهلاليين لا يتعلمون من دروس الأحداث المتشابهة التي عايشها الفريق طوال مشاركاته الماضية في دوري أبطال آسيا، واحد من تلك الدروس أن المستوى الفني ليس البوابة الوحيدة للفوز باللقب. صحيح أنه الأهم؛ لكنه ليس كل شيء، وإلا لما غادرت طوال تاريخ البطولة فرق تطأطئ الرأس وتجرجر أذيال الخيبة، وهي التي كانت صاحبة الحظوظ الأوفر في الفوز بها، ومنها الهلال؛ حيث كانت البطولة تغازله غير مرة حتى ظننا أنها سترتمي لا محالة في أحضانه، وإذا بها تغدر به في أصعب اللحظات وأحرجها.
لا أحتاج أن أذهب بعيداً إذ يكفي أن أذكر بخروجه في نسخة 2010 على يد ذوب آهن الإيراني في موقعة الرياض في نصف النهائي بعد ان كان قد عاد من أصفهان بخسارة بهدف في الذهاب بعد مستوى كبير كان كفيلاً بتتويجه فائزاً لولا سوء الطالع والحكم، وهو ما جعل أنصاره يستحثون الأيام بالتسارع لرد الدين في الرياض، وفي اليوم الموعود وحيث كان 68 ألف هلالي يحتشدون في استاد الملك فهد للاستمتاع بمشهد الزعيم وهو يمارس سطوته وجبروته وإذا بالإيرانيين يصيبون زعيمهم في مقتل بهدف وحيد كان كافياً لأن يجرع تلك الحشود مرارة الخيبة.
أقرب من ذلك ما حدث للهلال في نسخة 2012 يوم ان خرج على يد أولسان الكوري في الرياض وأمام حشد يقارب السبعين ألفا حضروا ليزفوا الهلال لنصف النهائي، وإذا بهم يغادرون استاد الملك فهد تحت صدمة الرباعية الكورية التي جعلتهم يهتفون قهراً “العالمية صعبة قوية” على طريقة خصومهم، حدث ذلك بعد أن كان الفريق قد عاد من كوريا في رحلة الذهاب خاسراً بهدف ساهم في ولوجه المغربي ماجد المرشدي والمغربي هرماش بهدية على طريقة بيدي لا بيد عمرو، وكانت الآمال كبيرة بالتعويض في موقعة العاصمة فجاء الزلزال الكوري من حيث لا يحتسبون.
الشاهد من هذه المقاربة أن على الهلاليين أن يتعلموا من تلك الدروس، وهنا معنى الخبرة الحقيقية، ولا أعني بها خبرة اللاعبين، بل أعني بذلك خبرة الإدارة، ومعها جهاز الكرة، وكذلك خبرة المدرب ومساعديه وقبلهم جميعاً خبرة اللاعبين، ولا أنسى أيضاً خبرة الجمهور، فإذا كانت النتيجة بين أقدام اللاعبين في سيدني، فهي بين أكف الجماهير وفي حناجرهم هنا في الرياض.
لا ينبغي أن تكون الخبرة فقط خبرة سنوات عددية، فهي بذلك ستكون خبرة مكررة لا قيمة لها، بل نريدها خبرة ميدانية حقيقية يمكن البناء عليها والاستفادة من دروسها، وبذلك ننتظر عملاً (خارقاً) ينتج فوزاً تتظافر فيه كل الجهود، وهو الفوز الذي لا يقوم على زيادة المكافآت، وهتافات من نوع “شدوا حيلكم يا شباب”، ولا بالنوم على وسادة المستوى الفني المميز في الذهاب، فكل ذلك لا يطعم خبزاً في ساعة الحقيقة!
عن الرياض