منذ أن شرفه خادم الحرمين الشريفين بتعيينه رئيساً عاماً لرعاية الشباب قبل نحو شهرين ونيف لا يكاد يمر أسبوع دون أن يقذف الأمير عبدالله بن مساعد للساحة الرياضية بخبر صادم يؤكد من خلاله أنه جاء ليقود مرحلة البناء والإصلاح في مؤسسة الشباب والرياضة، بعض تلك الإصلاحات كانت مطلباً من الوسط الرياضي، وبعضها لم تكن، ما كشف عن أن بعض حراك الرئيس الجديد يتجاوز الشارع العام!.
مساعيه لتجديد الدماء في شرايين الرئاسة بقيادات شابة ومتخصصة وقبل ذلك أمينة، وهذا هو الأهم كانت مهمة جداً لتكون قاعدة للبنيان الذي سيؤسسه؛ خصوصاً وأن الشيخوخة أخذت تنقش أحافيرها في وجه المؤسسة المعنية بهموم الشباب وتطلعاتهم، لا أتحدث عن شيخوخة العمر فقط بل شيخوخة الفكر، ولذلك فإن الترقب منذ أن أعلن أنه بحاجة لثلاثة أشهر لاتخاذ قرار التغيير والإحلال هو سيد الموقف للإفراج عن الأسماء لاسيما مع بدء العد التنازلي.
مواجهته الصريحة لرؤساء الاتحادات الرياضية يوم تزكيته برئاسة اللجنة الأولمبية بسؤاله الصادم الذي نزل كصاعقة على المكان حينما قال: لماذا نتائج السعودية في الأولمبياد وأسياد آسيا لا تتناسب مع مكانة السعودية؟.. كان يمكن له أن يجامل ويداهن؛ خصوصاً وأنه للتو قد تسلم مفاتيح اللجنة، لكنه بدا وكأنه أراد أن يطرق الحديد وهو ساخن، وقد اسمع طرقه كل الآذان بما مفاده أن ما بعد ليس كما قبل!.
قرار سحب مشروعي ناديي الرائد وعكاظ المتعثرين كان أبعد مما هو متوقع، فالقرار كشف الكثير، سواء داخل مؤسسة الرئاسة أو خارجها، في الداخل كان القرار بمثابة رسالة مقتضبة لما يعنيهم الأمر: أن اصحوا من سباتكم فقد طال الرقاد، وللخارج؛ وخصوصاً لكل الجهات الرقابية بدا وكأنه يقول لهم: أنا الرقيب عليكم!!.
معالجته لعقد النقل التلفزيوني لبطولات كرة القدم مع mbc كانت بحد ذاتها عملاً خارقاً، فهي أشبه بمعالجة مريض يوشك على الموت، حيث كان الموقف ينذر بكارثة على الكرة السعودية، لولا تدخله في الوقت القاتل، إذ نجح في إنقاذ ما يمكن إنقاذه بحس المسؤول الصارم ورؤية الخبير المجرب، ولولاه لكانت الكرة السعودية قد تورطت في عقد ستكون فاتورته باهظة لسنوات.
تشكيل لجنة “استراتيجية الرياضة السعودية” كان قراراً حمل أكثر من بعد، فتعيين لؤي هشام ناظر مع وجود الأميرين عبدالعزيز بن فهد بن عبدالله، وشقيقه عبدالحكيم بن مساعد في عضوية اللجنة، اختزل في أحد أبعاده فكر الرجل؛ إذ بدا وكأنه أراد أن يقول: القيادة ليست تشريفاً بل تكليف.
إعفاء مدير استاد الملك فهد وتوجيه إنذار لشركة الصيانة المشرفة على الملعب على خلفية مباراة الهلال والسد القطري، كان لافتاً حيث إن أخطاء كهذه لا مجال لإدارة الظهر لها، أو حتى التسامح فيها، خصوصاً إذا ما تعلقت، بسوء الإدارة، وبالتهاون في التعاطي مع إنسانية الجماهير وكرامتهم، أمر مهم آخر تمظهر في القرار وهو أن شركات الصيانة لم تعد خطاً أحمر كما كانت طوال سنوات طويلة سابقة.
أخيراً وليس آخراً.. جاء قرار تكليف لؤي ناظر برئاسة بعثة الاتحادات الرياضية المشاركة في “أسياد اشتون” يحمل أبعاداً مهمة إذ كسر قالباً كنا نظن أنه لا يكسر، وهو أن رئاسة هكذا بعثات حكر على اسماء محددة، ليأتي القرار ليكشف أنها لم تعد كذلك فهي متاحة لكل مواطن يستطيع تشريف وطنه بما ينبغي أن يكون عليه التشريف.
مقالة للكاتب محمد الشيخ عن جريدة الرياض