في الرياضة السعودية أسهل شيءٍ ممكن يعمله أي رئيسٍ نادي تقديم استقالته، طالما الأمور تتعلق بالشؤون المالية للنادي، والرئيس الذي لا يحقق ناديه عوائد استثمارية بالشكل المرضي على أقل تقديرٍ ليس مجبراً على الاستمرار، خصوصاً إذا ما عرفنا أن الأندية التي تعاني مادياً لا تحقق أي إنجازاتٍ على مختلف المستويات، فالأزمة المالية لا تترك الفرصة لأحدٍ أن يبدعَ، ويقدم عملاً يرضى عنه الجمهور الرياضي، خصوصاً إذا كان هذا النادي له قاعدةٌ جماهيريةٌ كبيرةٌ وكثيفةٌ في كل أرجاء الوطن.
الجمهور لا يفهم معنى استقالة رئيسٍ أو ترشيح آخر، ولا ينظر لهذا الأمر بشكله (المهم)، ما يعنيه هو أن مَن يتسلم دفة الرئاسة يجب أن يضع في حسبانه إسعادهم نهاية الموسم، وأن يكون المدرج في قمة فرحه وسروره، غير هذا لا يتدخلون في شيء، فالجمهور ليس مخولاً له أن يختار الرئيس، ويزف به نحو كرسي الرئاسة، وليس من شؤونه كما هو دارجٌ لدينا أن يُستشار فيمن يرضونه رئيساً لناديهم، لهذا هم لا يهتمون كثيراً بمن يكون الرئيس بقدر ما يهتمون بمدى قدرته على تحقيق آمالهم وتطلعاتهم، فإن فعل أطلقَت عليه الألقاب وتغنوا ببطولاته، ليصبح اسمه في أول أهزوجةٍ تخرج من مدرجهم، وإن لم يحقق لهم الفرح والسرور سيصبح في مرمى سهامهم، ولن ينجو من سخطهم، وستكون استقالته مطلبهم، فأي مبررٍ سيقوله لهم ليس له معنى.
هذه القاعدة لها استثناءاتها، إذ لا يمكن تعميم الأمر، فهناك رؤوس أنديةٍ لم يلتفتوا لمطالب الجماهير، وقرروا الاستمرار في التجربة، حتى لا يكتب التاريخ في سجلات أنديتهم عن مرحلة فشلٍ ارتبطت بهم، وقد يكون رئيس النصر الحالي فيصل بن تركي نموذجاً للرئيس، الذي وقف صامداً في بداية فترته الرئاسية حتى تحقق له النجاح، وعلى النقيض تماماً رئيس الاتحاد السابق محمد الفايز، الذي حاول أن يصمد في وجه الساخطين فترةً طويلةً، إلا أنه لم يقدم أي عملٍ له بوادر إيجابيةٌ تعيد ثقة الجمهور الاتحادي فيه، ليضطر مجبراً لإعلان استقالته.
إذاً في أنديتنا كل شيءٍ مرتبطٌ بالمال، فمعهُ يحضر كل شيءٍ، وبه يمكن معالجة كل جوانب الخلل، وذلك باستقطاب أصحاب الفكر والخبرة لإنجاح العمل.
إن رؤوساء الأندية الكبيرة في السعودية، وربما في كل العالم لديهم مَن يدير أمور أنديتهم من خلف الستار، لينسب المشهد برمته لصاحب القرار في النادي، بمعنى أن رئيس النادي سيتحمل كل نتائج قراراته الصادرة في الأساس من خلف ذلك الستار، وهو أمر ذو حدين مرتبطٌ بنوعية الاختيار.
فرئيس الأهلي سلك الطريق المتعارف عليه، ألا وهو تقديم استقالته؛ لأن النادي يعاني من ضايقةٍ ماليةٍ، وليس بمقدوره التصدي لها لوحده، فقرر الابتعاد وربط عودته بتوفير سيولةٍ ماليةٍ للنادي، تكفل له حل الأزمة، وفعلاً تحقق له ما أراد، لذلك قرر الاستمرار.
الحقيقة التي لا مناص من ذكرها أن رئيس الأهلي رغم دماثة أخلاقه وروحه الجميلة، إلا أنه ومن خلال الفترة الماضية لم يقدم العمل الإداري الجيد بالشكل الذي يليق بنادٍ كالأهلي له جمهوره الكبير، لا على المستوى الاستثماري، ولا على مستوى النتائج، فلم يقدم جديداً في العمل الإداري للأهلي، كل ما فعله الاستمرار بنفس الفكر الإداري المتعاقب على النادي الأهلي منذ سنواتٍ طويلةٍ، والواقع يُشير إلى صحة هذا الأمر.
إن جمهور الأهلي يريد رئيساً يصنع الفارق، بجلب استثماراتٍ بملايين الريالات للنادي، ويحقق لهم حلم الدوري الغائب منذ 30 عاماً تقريباً، ويصعد بهم إلى قمة آسيا ليضيء الأهلي سماء العالم في المحفل العالمي، هذا كل ما يريده المشجع الأهلاوي، وهذا ما لم يحسن فعله رئيسه الحالي.
دمتم بخير،،،
سلطان الزايدي -جريدة اليوم
@zaidi161تويتر