من المحرج جداً أن أتحدث عن موضوع أقل ما يُقال عنه بأنهُ ساخر ، لكنني أجد نفسي مضطرة للتحدث فيه حتى أوقف هذه المهزلة التي لا تليق لا بالفروسية ولا بقلمي الذي أحترمه ولا أرضى بتدنيسه لا من قريب ولا من بعيد ، كما وأنني أتحدث في هذا الأمر لتتضح الصورةُ كاملةً أمام القارئ الفروسي تاركةً له الحكم الأخير ، وذلك في نقاط على النحو التالي :
أولاً : القضية المطروحة !
بين الحين والآخر يتم تصعيد ما يسميه البعض خلافاً و ” تصفية حسابات” بيني وبين صحيفة صهيل ، ومحاولة توجيه ما أكتبه وتسيسه بشكل أو بآخر على أنه حرب دائرة بين ” الإعلامية الدخيلة على الوسط الفروسي ” و ” الصحيفة الأم ” ليبدو الأمر وكأنه نوعٌ من الخذلان والعقوق .
ثانياً : القصةُ الكاملة !
كانت البداية في اكتوبر الماضي عندما قدم لي الأستاذ ناصر العتيبي عرضاً في الكتابة في صحيفة صهيل ، جاء ذلك بعد متابعته لما أكتبه من نقد فروسي عبر حسابي في “تويتر ” ، وفي الواقع وجدتها فُرصةً ذهبيةً لم أكُن لأفرّط فيها باعتبار أن موضوع الكتابة في الصحافة الفروسية كان يشغل ذهني بالفعل ، فلم أتردد وقبلت العرض .
منذ أول مقال قمت بكتابته كان هناك اختلاف في الآراء بيني وبين الأستاذ ناصر العتيبي ، وعليه بحثت عن مساحةٍ في صحيفةٍ أخرى ، لتكون صحيفة سبورت السعودية أول مكانٍ أنشر فيه ، لم تمضي بضعُ دقائق من نشر المقال في سبورت السعودية حتى تواصل معي الأستاذ ناصر العتيبي عاتباً ، واخبرني بأنه يرحب بما أكتبه وسوف ينشره مهما اختلفنا في الرأي ، وأعاد بالفعل نشر المقال نفسه في صحيفة صهيل !
استمرت علاقتي بصهيل على هذا المنوال ، نختلف في الرأي فنفترق و أنشر في مكان آخر ثم نعود للعمل معاً مرةً أُخرى ، لكن هذه الخلافات كانت مرهقةً لقلمي بما يكفي لتجعلني اتخذ قراراً بعدم الكتابة في صهيل مرةً أخرى حتى وإن جفّت أقلام الأرض إلا قلمها ، أو أُقفلت كل الصفحات إلا صفحتها -ليس انتقاصاً من قدرها ، وإنما لأن رأي أحدنا لا يُمثّل الآخر في بعض القضايا التي لا أجد أن ذكرها يٌضيف لهذه القصة .
ولأن رأي أحدنا لا يُمثّل الآخر – وقد كان ذلك منذ اللحظةِ الأولى – فإن ما يُطرح في صفحاتها يتعارض مع ما يتبنّاه قلمي كنتيجةٍ طبيعية ، وهذا أمرٌ واردٌ ولا غرابة فيه ، وإن كل شخص يملك كامل الحرية في الطرح والتعبير طالما أنه لا يتعدّى على أحد ، لكن هذا الأمر بدأ تصويره على أنه حربٌ دائرة ، وتصفية حساباتٍ بائته ، وفي الواقع لا يُمكنني أن أجزم بهوية من لديه مصلحة في إثارة مثل هذه البلبلة الرخيصة ، لكنني أعلم جيداً أنه ليس أهلاً للاحترام .
ورغم معرفتي برأي الاستاذ ناصر العتيبي نفسه بما أقوم به – و قد صرح لي به شخصياً في مواضع عديدة آخرها كان صباح اليوم ، وأظنه مازال يعتقد نفس الرأي – والذي مفاده أن القلم الذي أملكه لا يُستهانه به وقادر على فرض نفسه في وقتٍ وجيز ، إلا أنني أتفاجأ بأنه يُجري اتصالاته مطالباً بأن تتوقف صحيفة سبورت السعودية عن نشر ما أكتبه ، الأمر الذي يدفعني للتساؤل بشكلٍ صريح : هل تلك المساحة التي أكتب فيها في صحيفةٍ تعطي الأولوية لكرة القدم تُزاحِمُ تلك المساحات الحُرّة في صحيفتك ؟ أم أن هذا القلم الذي كنتَ أول المعجبين به بدأ يُزعجك ؟!
ثالثاً :الخلاصة .
لعل العمر الإعلامي للفروسية يُعدّ قصيراً بالنسبة للإعلام في غيرها ، مما يجعل البعض يفتقد الهدوء الذي كان يسود صفحاتها حتى وقتٍ قريب باعتبار أن معظم الآراء كانت متشابهة ، وهي في الغالب من مصدر واحد، لكن إذا نظرنا إلى الأمر من جانبٍ آخر إيجابي فإننا سوف نكتشف أن هذه الأمواج التي قتلت الركود هي في الواقع ظاهرةٌ صحية ، ومن المفترض أن تعمل على تسويق الفروسية بشكلٍ أوسع ، إلا أنها في نفس الوقت تُحمّلنا مسؤولية اصطحابها بعيداً عن الابتذال والإسفاف لنبقى جميعاً ضمن إطارٍ مُهذّب يليق بالفروسيّة والفروسيين .
أخيراً :
إن من يعرف عبير الشلال جيداً يعلم أنها أشجع من ينطق برأيه في حضرة الحق ، وأجبن من أن تطعن أحدهم في ظهره ، قلمي قد جاء من خارج الوسط ليتوسّطه ، ولم يكُن ليُسمع القاصي والداني لو لم يحمل مالا تحمله غيره من الأقلام ، و لست هنا أُزكّي نفسي على أحد ، لكنني و وفق القاعدة الربانية التي تقول ( وأما بنعمة ربك فحدّث ) فإنني أُنصف نفسي و أُعيد الأمور إلى مواضعها الصحيحة فأنا الذي نظر الأعمى إلى قلمي وأسمعت كلماتي من بهِ صممٌ.
لستُ مُسالمةً أجل ، لكنني لا أسمح لنفسي أن أرتكب ما حرمه الله على نفسه ، وإن قدّر الله لي أن أدخل حرباً مع أحد فلن تكون من تحت الطاوله ، ولن أستخدم اسلوب ” الضرب تحت الحزام” ، فالإعلامي إن فقد شجاعته لا حاجة للقلم به .