علّمتنا الفروسية كيف أن الفارس عليه أن يكون نزيهاً حتى في جوف المعركة وعلى وقع صليل السيوف إذ أن شجاعته تحكمه ، فلا يطعن خصمه في ظهره ولا يتحيّن عثرته، بل أنه يسمح له بالتقاط سيفه إذا وقع منه ثم يواصل المبارزة !
هو حديثٌ يطول شرحه عن الأخلاق السامية ، و النزاهةِ حتّى في الخصومة ، الأمر الذي نفتقده بشِدّة بعد أن تفشّت حُمّى الرجم بالغيب ، والتباهي بالعيب في رؤوس أقلامنا ، ولعلّ الواقع الإعلامي الرياضي بات بيئةً خصبة لمن في غياهب العِداء هوى .. و عجز أن ينهى النفس عن الهوى!
ولعلّ العِداء بحد ذاته – ما دام بدافع المنافسة – ليس كارثة ، لكن طريقة تعاطينا له قد تجعل منه عملاً نزيهاً وقد تصنع منه سقطةً أخلاقية ً ووصمة عارٍ لا تُفارق جبين صاحبها ، و مادام المرء على قيد الكتابة فإن عليه أن يُنصف قلمه وينفخ فيه من روح شجاعته و يُعلي صوت الحق فيه لا أن يُضيع وقته في مُحاولةِ إخراس من حوله ، عليه أن يَعتني جيداً بصفاء نزاهته بدلاً من إثارةِ زوبعته التي تفوح منها رائحة الخبث في فناجين الثرثرة !
أيّها الغارق في دوّامة المكائد ، و المتلذذ بلحوم منافسيه على الموائد ، ليتك تمنح نفسك فرصةً للسباحة باتجاه المجد بدلاً من أن تعيش مُقتاتاً على مجد غيرك ، قارع الحجّةَ بالحِجّة ، ودافع عمّا تزعمه ببسالة ، واعترف بأنك أخطأت بنفس الشجاعة التي تُقلل فيها من شأن خصمك وسوف تُجبره على احترامك ، ودعك من إهدار الصفحات في مهاتراتٍ لا تُسمن ولا تُغني من جوع ، لا يلتفت لها إلاّ من امتهن إضاعة الوقت ، فلا أنت تملك لوي ذراع قلمٍ ليس لديه مصلحةٌ يخسرها ، ولا صوتك يُرعِب من لا يخشى في الحق لومةَ لائم ، واعلم – رعاك الله – أنّ من سددت له صفعةً “مُرتجفة ” لن يتردد لحظةً في أن ” يركُلَك ” ناهيك عن أنّ “الضرب تحت الحزام ” لا يؤلم النساء ، و كما أنّ “الرجولة أدب ” فإنّ الصحافةَ أدبٌ أيضاً !