مسلي يكتب عن عبدالله بن مساعد وفريقه

في المقالة السابقة كتبت عن التحديات التي تواجه عبدالله بن مساعد في مهمته الجديدة في رعاية الشباب، وبرأيي أن أكبر تحد يواجهه هو تغيير الثقافة داخل المنظومة وخارجها، في الداخل ربما يقابل بالرفض أو عدم التجاوب لثقافة العمل الجديدة – إذا ما كان هناك ثقافة جديدة – بسبب تعود الموظفين على آلية ورتم محددين في الأداء، وذلك كأي وزارة حكومية تمكنت منها البيروقراطية، أما في الخارج أي في الأندية والكيانات الرياضية الأخرى والوسطين الرياضي والإعلامي فتكمن الصعوبة بخروج الكل عن السيطرة، لذا ليس للرئيس العام إلا أن يستعين بالأشخاص القادرين على التغيير أو القادرين على التجاوب مع التغيير على الأقل.

وجود برنامج للتحول يحتاج إلى دخول بيوت خبرة، عناصر تؤمن بأهمية البرنامج، برنامج زمني كاف، وقيادي يثق في خطواته مهما كانت الخسائر، وهنا يتعين على القائمين على البرنامج أن يستعينوا بكفاءات إدارية مؤهلة عملت في القطاع الخاص، خصوصاً أولئك الذين لهم تجارب عملية في منظومات مرموقة، وجذب مثل هؤلاء لن يكون أمراً سهلاً لصعوبة توفير الحوافز، ولأن التجربة ربما تكون مخيفة وغامضة لبعضهم.

كل ما في رعاية الشباب وتوابعها يحتاج إلى إعادة هيكلة، ويأتي في مقدم ذلك الموازنة الممنوحة من وزارة المالية، وذلك بإعادة توجيه صرفها، فعلى سبيل المثال يوجد نفقات تشغيلية بقيمة 278 مليون في موازنة عام 2013 مخصصة للمكافآت والنقل والحفلات والسفريات والشحن والبريد، وذلك على حساب بنود أخرى أهم مثل إعانتي الأندية والاحتراف، واللتان خصص لهما فقط 60 مليوناً و27 مليوناً، وبلا شك أن موازنة رعاية الشباب لا تزال أقل مما ينبغي، لكنني أعتقد أن إعادة تنظيم صرفها سيكون أنفع بكثير من طريقة التوزيع الحالية.

الجوانب المالية في الرياضة السعودية تحد بارز جداً، فلا الدعم الحكومي يعتبر كاف، ولا البيئة الاستثمارية تساعد في جذب الأموال، وأنا هنا أتحدث عن البيئة أي الضوابط والكفاءات المؤهلة والوعي الكافي لمن يعملون في المجال، إذ ينبغي أن نفرق بين البيئة والمجال الرياضي نفسه، فلا شك أن الأخير مغر وجاذب جداً، لكن المستثمر يحتاج في هذا المجال إلى البيئة الجيدة التي تضمن له نجاح استثماره.

أبرز الأدلة على عدم وجود البيئة الجاذبة هو ما حدث أثناء طرح منافسة النقل التلفزيوني، إذ كان اتحاد القدم ورابطة دوري المحترفين آخر من يؤثر في القرار أو يحل ويربط، على رغم أن هذا الأمر من صميم مهماتهم، إذ تم فرض عقد مدة 10 أعوام ولأول مرة في تاريخ النقل التلفزيوني في كل دول العالم، من دون تدخل من الأندية ولا الرابطة ولا الاتحاد، أعلم أن هذا ليس موضوعنا لكنه مرتبط ببيئة الاستثمار التي لا تخضع لتنظيمات، وهذا ما يحتاج إليه المستثمر في الإعلان أو المهتم بالخصخصة وتملك الأندية.

وعن الخصخصة وتملك الأندية سيتشعب الحديث، كيف لا وقد أعطوا مهنا ما يتمنى، فأصبح المسؤول الأول عن الرياضة هو عرّاب الخصخصة المنتظرة، وعن الخصخصة نحتاج إلى مساحات أطول للحديث عنها وعن أحلام عرّابها!

مقالة للكاتب مسلي آل معمر عن جريدة الحياة

6