الفالح يكتب عن ذكرى ثمانية ألمانيا!

“1”
كلما انطلق المونديال، حلت الذكرى الحزينة!!
عادت “ليالي الثمانية” من ألمانيا في منتخبنا، وكأنها أمس.
بأهدافها المتوالية الكوارثية هدفا وراء هدف بصورة سريعة ومذهلة وكأنه شريط فيلم سينمائي.. مرعب.
“2”
الثمانية كانت النقطة التي بدأت بعدها الكرة السعودية رحلة التدهور العظيم.
بدأنا “الضياع التام” و”الهروب الكبير” إلى الوراء.. الضياع بدلا من الإمتاع.. التعب لا الذهب.. الرحيل لا الصهيل!!
قلنا وداعا للكؤوس، وقد كنا أحبابها ومحتضنيها
وسادة الكرة في آسيا.
ولكن.. من المتسبب في “الثمانية” أولا ثم في هذا “الضياع الكبير”؟
“3”
السؤال كبير أيضا بحجم التقهقر.. مر كما هو طعم الهزائم.. قاس كما هو الإحساس بالابتعاد عن المنصات والقمم.
ولذلك، لا بد ألا يكون الجواب سريعا أو ميالا للتعصب كما يفعل المتعصبون دائما عندما يحاولون ابعاد الأسباب عن لاعبهم أو لاعبيهم المفضلين حتى لو تسببوا بشكل واضح جداً في الهزيمة والتراجع، ويبحثون عن البعيدين عن ناديهم والذين (يعتقدون) أنهم يميلون للنادي المنافس من مسؤولين أو لاعبين لإلصاق التهم به.
“4”
هل السبب هو الحارس محمد الدعيع أم كابتن الفريق سامي الجابر؟
هل هو مدرب المنتخب آنذاك ناصر الجوهر أم رئيس اتحاد الكرة في ذلك الوقت أم مدير المنتخب؟
من هو المتسبب في الكارثة الكروية التاريخية؟
“5”
الأسباب في اعتقادي ليست فردية ولكن جماعية، تتعلق بالمنظومة نفسها في ذلك الوقت والتي للأسف ما زال كثيرا منها قائما حتى الآن.
أعتقد أن نظام الاحتراف “الأعرج” هو السبب ولا يزال سببا لتأخرنا، ونحن نحتاج لضبط هذا النظام حتى نضبط مسار كرتنا.
هل من المعقول أن يتسلم بعض لاعبينا عشرات الملايين ولا يقدمون للكرة السعودية شيئا يذكر، وحتى لا يقدمون لفريقهم أدنى ما يمكن أن يقدموا وليس المتوقع، فالتوقع يشبه الحلم، والحلم صعب التحقيق.
“6”
كثيرون من اللاعبين ينتهون إذا تسلموا مبالغ عقودهم، انتهوا، وهذا عيب في نظام الاحتراف.
فمن المفترض أن يتم تسليم المبلغ بالتقسيط ووفق ضوابط تراعي ما يقدمه اللاعب سواء لفريقه أو لمنتخبه، فكلما حقق إنجازا لأي منهما، تم الدفع له وفقا لذلك، حتى يكون تحفيزا له بدلا من أن يكون المبلغ الكبير الأولي محبطا عندما يشعر بأنه حقق حلمه باقتناء الملايين والسيارات الفارهة والمنزل الذي يحلم به فلا يهمه تحقيق الحلم العام.
لتكن المكافآت بالفوز وتحقيق البطولات أكبر بضم جزء من العقد لها.
“7”
هزائمنا الكبيرة ومنها ثمانية ألمانيا، وضياع البطولات من أمام أعيننا بعد أن كنا نجومها لها أسباب أخرى غير العقود، تتعلق باحترافنا أيضا، وهي أن لاعبينا المحترفين (اسما لا فعلا) لا يطبقون الاحتراف الحقيقي أو جزءا بسيطا منه، كما أن أنديتنا لا تضع القوانين الصارمة لتطبيقه، وحتى نصل إلى تطبيق أفضل وأمثل لهذا الاحتراف، يجب أن يكون التنسيق بين اتحاد الكرة والأندية أعلى ويصب دائما لمصلحة نجاح الاحتراف، وبالتالي تطور المنتخب والفرق نفسها، فنصبح أقوى بمنتخبنا وفرقنا.
لاعبونا عشاق للسهر والتدخين والعادات السيئة الأخرى التي تضر بهم.
“8”
ولا ننس أن هناك سببا آخر لتدهور كرتنا يتعلق بطريقتنا العامة في التنظيم والتنفيذ، وهو أننا نشكل اللجان ونجتمع ونناقش ونضع أوراقا كثيرة قد يكون فيها حلولا ناجعة للمشكلة، ثم لا ننفذ، حيث نضع هذه الأوراق التي تتحول إلى ملفات ضخمة في الأدراج وننساها ولا نطبق منها شيئا.
وهذا ما حدث للجنة التي تم تشكيلها بعد كارثة الثمانية إذ انبثقت منها لجان متعددة و(ملفات) هائلة أصبحت حبيسة الأدراج و.. التساؤلات!!
“9”
نظام الاحتراف لدينا ليس في غرفة الإنعاش حتى توقظوه، بل هو جسد ميت، وإذا أردتم لكرتنا أن تعيش وتحيا حياة رائعة وصحية، فأحيلوه سريعا إلى القبر وادفنوه، وأنشئوا نظاما آخر من أجل “حياة” أروع لكرتنا.

مقالة للكاتب عبدالكريم الفالح عن جريدة اليوم

6