خلف الحربي يكتب عن ركضة مدرب الهلال!

هل شاهدتم مشهد المدرب الجديد لنادي الهلال وهو يركض مع الشرطي في مواقف مطار الرياض هربا من الشباب الذين جاؤوا لاستقباله؟، هذا العشق السعودي المرعب ألم يذكركم بما حدث للنجم الأرجتيني ميسي في الرياض حين خرج من المطار مخفورا بالرشاش؟!، أي أنه لا مطار خاص ينفع ولا مطار عام يحد من هذه الصورة المزعجة للإعجاب.. أين يهبط نجوم القدم العالميون إذن؟.. في مطار عسكري، أم يتم إنزالهم على الملاعب بالمظلات؟!.
ما المشكلة لو قام اتحاد كرة القدم أو أي نادٍ بالتنسيق مع إدارة المطار والجهات الأمنية وشركات الرعاية الإعلامية قبل وصول اللاعب المنتظر، وكان هناك مكان محدد بشريط فاصل بين النجم ومعجبيه يبتسم لهم ويهدونه الورود ويصورونه ويلوحون بأيدي أطفالهم له مثلما يحدث في كل مكان في العالم؟!، لقد ركض مدرب الهلال الجديد في ردهات المطار ركضا لم يركضه الشنفرى الذي كان يسابق الخيل في صحارينا، حتى جاء هذا الفتى الروماني البائس ليحطم الرقم القياسي المسجل منذ 15 قرنا باسم شاعر الصعاليك في أقل من خمس دقائق، أي منذ أن وطأت أقدامه أرضنا.
ضعوا أنفسكم مكانه، وليعتبر الواحد منكم نفسه مدربا رومانيا جاء إلى بلد البترول ليدرب أشهر أنديته ويجرب شكلا جديدا من أشكال النجاح، لو كنت مكانه فمن الطبيعي أن تتساءل طوال الساعات التي سوف تقضيها في الطائرة: ما الذي سوف تفعله بملايين الدولارات التي سوف تمطر عليه في هذه الصحراء القاتلة، لو كنت مكانه لانشغلت أيضا بتخمين لون السيارة البنتلي التي سوف تقلك من المطار إلى الفندق (باعتبار أن البنتلي صايره هاليومين مثل الهيونداي!!)، ولو كنت مكانه فإنك في الغالب ستكون رومانيا رومانسيا وتخطط لمفاجأة طريفة ترتبها لزوجتك، حيث ترسل لها في اليوم التالي صورتك مع الجمل في صحراء بني يعرب، وطبعا (لا أنت ولا أم ركبة حمراء) تعلمان عن الإشاعات (المغرضة) التي تحيط ببعيرنا المجيد هذه الأيام؟!، وما أن تهبط من سماء الخيال حتى تجد مجموعة المعجبين قد انفلتوا عليك والعسكري يمسك بذراعك ويركض بك في ممرات المطار ومواقفه؛ بحثا عن سيارة تنقذك من هذا الرعب الذي لا تعلم ما هي أبعاده، هنا يمكن أن يقول لك مندوب الهلال: (استنى شويه يا خواجه لين نجيب البنتلي)، فترد عليه بالرومانية الفصيحة: ( يا رجال جيبوا عراوي.. أي شي.. المهم نفرك من هنا)!.
بصراحة.. يتوجب على إدارة الهلال أن تغير عقد هذا الرجل من مدرب إلى ظهير أيسر؛ لأنه أصبح في كامل لياقته بعد هذا الركض الذي شاهده القاصي والداني، وبصراحة المشكلة ليست فقط في الجماهير، فكل جماهير الكرة في أي مكان في العالم يمكن أن تفعل ما هو أكثر من ذلك، المشكلة الأساسية في سوء التنظيم وضعف التنسيق وقلة الخبرة التي دائما ما توقعنا في هذه المواقف المحرجة أمام العالم أجمع.

مقالة للكاتب خلف الحربي عن جريدة عكاظ

7