ليلةٌ كئيبة حملت معها أكوام الخيبة ، جاءت تمشي مُثقلةٌ تجُرّ البؤس خلفها ، باذلةً جهدها للعبور بأقل قدرٍ من تأنيب الضمير ليخبرنا صباحها بأن الفارس الأمير عبدالله بن متعب قرر الاعتزال !
بعد أن هامت ميادين العالم باسمه قرر أن يتركها فريسة الحنين ، وبعد أن حمل هم الفروسية السعودية على أكتافه مرتقياً بها على منصات المجد ، طاوعه قلبه أن يتركها حائرةً تبحث عن ملامح وجهه في وجوه كل الفرسان ، تركها تتلفّت باحثةً عنه خلف دهشة محبّيه الذين لم يستعدوا لاستقبال الفراق ، بعد أن أشبعنا تعلقاً به اتخذ قراره ، وسلّم الراية لزملائه ، ثم ترجّل من على صهوة جواده !
لست أدري ما إذا كان البروتوكول الصحفي يحتم علي أن أبدأ بسرد إنجازاته خلال مسيرةٍ حافلة كأي صحفي رياضي يتعامل مع خبر اعتزال أحد نجوم اللعبة ، أم أنّ التسكّع في ذكريات المغادرين مؤلمٌ أكثر من توديعهم ، لكنني أعلم جيداً أنيّ تركت قلمي جانباً ، وبدأت استعد لمواكب الفقد التي سوف تُداهم وجدان كل عاشقٍ للخيل والفروسية ، يعرف ماذا يعني غياب فارسٍ بحجم عبدالله بن متعب عن فروسيّةٍ ارتكب عشقها مُنذ عصور ثم طاوعته جوارحه على أن يتوب منها بين ليلةٍ وضُحاها !
الأمير الفارس عبدالله بن متعب يعلن اعتزاله رسمياً مُربكاً جميع الأقلام ، مُخرساً أفواه العتب ، قاطعاً الطريق على كل التساؤلات ، لماذا؟ كيف ؟ متى ؟!… كلها أسئلة استيقظت لتجد نفسها بلاقيمة، فلم يعد مهماً ما إذا باتت صهوات الريح لا يُغريه امتطاؤها ، ولا أحد يستطيع التكهن بحجم الأسى الذي يعصف بقلب فارسٍ قرر أن لا يسرج جواده بعد اليوم ، فالقرار أعمق من التحليل وأكثر إيلاماً من البحث عن تفسير ، هي رغبته وكفى !
اعتزال أمير الرياضة عبدالله بن متعب !