أزمة الاتحاد ..بداية أم نهاية؟

 سلطان الزايديالحوارات المتلفزة أو المقروءة مع رؤساء الأندية لا تخلو -بأي حال من الأحوال- من الحديث عن الوضع المالي للأندية، ولم يصدف أن سمعت رئيس نادٍ يقول نحن في رغد من العيش يعيشهُ نادينا دون سواه، وإن حدث ووجد من يتشدق بوفرة المال فالأيام القريبة القادمة ستكشف هذا الرئيس على حقيقته؛ إذ إن الحقيقة التي يعرفها الجميع المتابع الرياضي قبل المسؤول هي أن الأندية تعاني وستظل تعاني حتى يكتب الله لها مخرجاً ولو بعد حين، هذا المخرج لن يكون بالهبات الممنوحة من هنا أو هناك بالتأكيد(لا)..! المخرج يعني إيجاد حل عملي واضح يجعل هذه الأندية تؤدي رسالتها الاجتماعية والثقافية والرياضية على أكمل وجه.

الحديث عن الحلول دائماً يعتمد على عناصر أساسية يجب توافرها في الأندية وفق خطط مالية تهتم بتنظيم هذا الجانب في إطار اقتصادي عام يتمحور حول (إيرادات ومصروفات)، ولا أظن أن هذه المعلومة غائبة عن ذهن أحد..! فالجميع مُلم بأمر كهذا، لكن الشيء الذي يعيق هذه الجانب هو الكيفية الاستثمارية المتبعة لعمل الموازنة المناسبة التي تحقق النجاح في التناسب بين الإيرادات والمصروفات حتى يمكن لأي نادٍ الانطلاق وفق رؤية واضحة المعالم، هذا الجانب المهم في مسيرة الأندية يترتب عليه كل عناصر النجاح المعنوية والحسية، وبدون توظيفه التوظيف المناسب لن تجد نادياً واحداً يسير وفق الأهداف الإستراتيجية المعنية بتأسيس الأندية، وهذا أمر في مجمله لن يكون جيداً حتى ولو نجح نادٍ أو ناديان في توفير السيولة الكافية؛ فهم سيكونون مهتمين بلعبة كرة القدم فقط، وأي مردود مادي على الأندية سيذهب على الفور لكرة القدم. إذن نحن في حاجة لتوفير الجوانب الاستثمارية الكافية لتسيير الأندية ومن ثم فصل إدارة كرة القدم بكل مداخيلها عن بقية الألعاب الأخرى بالأندية كحل مبدئي هدفه التنظيم.. وذلك من خلال وضع سياسة مالية واضحة، إلا أن العقبة الأساسية التي تقف عائقاً أمام هذا الأمر هو عدم قدرة الأندية على التصرف كمؤسسة مستقلة خاصة؛ لأن وجودها ضمن الممتلكات الرسمية التي تخضع لأنظمة وقرارات الرئاسة العامة لرعاية الشباب الجهة الحكومية يمنعها أن تتحرك وفق فكر استثماري بحت..!

القطاعات الخاصة الكبيرة في البلد مثل الاتصالات أو البنوك لا تجد فرصة حقيقية تستفيد من خلالها من الشراكة الإستراتيجية الاقتصادية مع الأندية لأنها ستدخل في نفق البيروقراطية؛ وهذا يشكل بالنسبة لها تحديد صلاحيات..! ولا يمكن أن تدخل في إشكاليات مع قطاع حكومي كرعاية الشباب تحت أي ظرف، الشيء الآخر -والذي يعتبر خللاً في التأسيس- أن الأندية أسست على الدعم المباشر من الدولة وأعضاء الشرف وبعض المداخيل البسيطة ولم تهتم بتأسيس قاعدة استثمارية تحقق عوائد مالية كبيرة، وإن كان هذا الأمر بدأ يتغير في الآونة الأخيرة إلا أنه مازال في طور البناء، والاعتماد على هذا الأمر بالنسبة لكبار المستثمرين يعتبر مجازفة كبيرة.

المال والاستثمارات في الأندية قضية شائكة تحتاج إلى حلول تعتمد في الأساس على التأسيس الصحيح، وهذا لن يحدث بعيداً عن (الخصخصة؛ هذا الملف الذي ينتظره الجميع رغم الضبابية حول آخر مستجداته..! ملف بدا غامضاً ومازالت نهايته كبدايته غامضة..! حديث ولجان واجتماعات وتصريحات…. والقرار معلق بين المجلس الاقتصادي الأعلى للدولة وبين رعاية الشباب ممثلة في لجنة الخصخصة.

في العام القادم أنديتنا موعودة مع قضايا مالية مشابهة لقضايا الاتحاد، وجرس الإنذار انطلق من عميد الأندية، والبقية الباقية في الطريق، والأضرار الفنية ستصاحب إفلاس الأندية؛ لهذا المخاطر تتزايد وتتصاعد يوماً بعد يوم، ومع الأسف هناك من يتجاهل هذا لأمر.

المصروفات الضخمة في أنديتنا تحتاج تدخلاً عاجلاً حتى لا تتفاقم المشكلة، ولن تحل إلا بفرض بعض القوانين التي تساهم ولو بشكل نسبي في إعادة الملاءة المالية والاقتصادية للأندية.

خبراء الاقتصاد في الدولة معنيون بإيجاد حلول سريعة وخطط قصيرة المدى وطويلة المدى حتى نضع أسساً مالية صحيحة يُمنع العبث بها وفق ضوابط معينة تصدر من الجهة الرسمية المسؤولة عن هذه الأندية، بهذا فقط نكون وضعنا الأندية على الطريق الصحيح، وستكون هناك ميزانيات واضحة مقدمة بشكل رسمي خاضعة للرقابة والمتابعة، وعند أي تجاوز أو خلل في أي من جزئياتها سيكون القانون بالمرصاد.

في حديث رؤساء الأندية المعلنة وغير المعلنة كوارث مالية يصعب حلها، فسقف الديون يرتفع يوماً بعد يوم، والإيرادات تنخفض يوماً بعد يوم، والأندية تغرق، والسبب يتلخص في غياب التنظيم والفكر الاقتصادي المتخصص..! ودمتم بخير

سلطان الزايدي

Zaidi161@hotmail.com

7