قلت وأقول وسأظل أقول: إن التحكيم وأخطاء التحكيم جزء من كرة القدم، ولهذا فمن الطبيعي أن يكون نقد التحكيم جزءاً من اللعبة أيضاً، ولا يمكن تكميم الأفواه ومنع الناس من التحدث في التحكيم، وبخاصة أن الجميع يتحدث عن الظلم الذي يصيب المنتخب، وسبق أن سمعنا انتقادات حادة للتحكيم الآسيوي ومسؤوليه، وأنه يتعمد ظلم المنتخب السعودي، فلماذا إذاً نكيل بمكيالين؛ واحد خارجي وآخر داخلي؟
من حق الناس أن تنتقد، وبخاصة إذا أسهمت الأخطاء التحكيمية في تغيير نتيجة مباراة وإنهاء عمل مدرب سافر من دولة إلى دولة وبنى حياته وخططها بناء على تدريبه لهذا الفريق أو ذاك، ثم يتم تفنيشه لسوء نتائج فريقه التي أسهم التحكيم فيها؟ وما حدث مع الجزائري الأصل الإيطالي الجنسية الكابتن نورالدين بن زكري مدرب الرائد أكبر دليل.
الرجل طفح كيله مع التحكيم بعد ضربة جزاء «خيالية» منحت النهضة أول فوز له في دوري عبداللطيف جميل على حساب الرجل وفريقه الذي كان يعاني أساساً من مشكلات سابقة مع التحكيم، لهذا أطلق تصريحات، أعتقد بأنها الأجرأ، عن التحكيم السعودي عندما قال بالحرف: «إلى متى يمكن السكوت عن هذه المهازل التحكيمية؟ لقد طفح بي الكيل… هذا التحكيم السيئ يهدد بفشل الكرة السعودية وقد يضطرني في النهاية إلى الرحيل عن هذا الدوري».
وأضاف أيضاً: «حديثي من الغيرة على المملكة العربية السعودية، فما دمت وضعت قدمي على هذه الأرض فأنا حريص على مواصلة تميز لعبة كرة القدم في ملاعبها، ربما أرحل وأجد فرصة خارج السعودية». وأعتقد أن الإضافة الأخيرة كانت مجاملة أو تبريراً «غير مبرر» لكلام الرجل الذي حاول من خلال هذه الإضافة أن يتجنب أية عقوبة محتملة، وأنا أعتقد أن الرجل تحدث من دون الإساءة الشخصية إلى الحكم أو التحكيم، بل تحدث عن واقع تعيشه كرة القدم السعودية ودفع الكثيرون ثمناً باهظاً لمشكلاته التحكيمية التي نعترف ونقر بأن الأخ عمر المهنا يحاول جاهداً، ليس وضع حداً لها لأنه أمر مستحيل، ولكن التقليل منها وحصرها في أصغر نطاق، ولكن يبدو أن هذه أيضاً باتت صعبة وخصوصاً في ظل وجود إعلام قوي وقوي جداً وكاميرات تلتقط الشاردة والواردة وبرامج يقودها حكام سابقون وبالتالي يزداد الضغط أكثر فأكثر على الحكم على رغم أنني شخصياً أرى أن مساعدي الحكام لهم تأثير سلبي كبير في قرارات الحكام الرئيسيين، لأنهم لا يساعدونهم في الشكل المطلوب، وبعضهم ضعيف جداً ولا يرتقي إلى مستوى الدوري الذي بات حالياً الأقوى عربياً مع كامل احترامي لدوريات المغرب ومصر والجزائر و تونس والإمارات وقطر والسودان، وهي الدوريات الأبرز عربياً، فيما يختلف عنها الدوري السعودي بقوته الإعلامية الهائلة مثل نظيره المصري، ولكن مشكلة المصري ظروفه الحالية وهيمنة الأهلي والزمالك عليه، ما منح الأفضلية للسعودي الذي يحتاج، في رأيي، إلى وقفة تحكيمية صارمة قبل أن يحدث ما لا يحمد عقباه من ردود فعل جماهيرية.
مقالة للكاتب مصطفى الاغا عن جريدة الحياة