بات النصر الذي يقوده المدرب الأوروجوياني دانيال كارينيو رقما صعبا في بطولة الدوري السعودي بعد أن حسم لقب بطل الشتاء المعنوي في خطوات ثابتة نحو إستعادة أمجاده.
وغاب النصر سنوات طويلة لعبت فيها اندية الهلال والشباب والاهلي والاتحاد الدور الابرز على الساحة السعودية ، لكن ما يقدمه هذا الموسم حتى الان يؤكد سعيه الى سحب البساط من تحت الجميع.
ويكفي ان النصر كان اول فريق عربي من القارة الاسيوية يشارك في بطولة العالم للاندية عام 2001 بعد ان سبق ذلك بتتويجه بكأس الاندية الاسيوية البطلة، كما صال وجال اواخر الثمانينات وفي التسعينات ونال اكثر من لقب محلي. وارتدى قميص النصر ابرز لاعبي السعودية وفي مقدمتهم ماجد عبد الله ومحيسن الجمعان وفهد الهريفي.
يتصدر النصر حاليا ترتيب الدوري السعودي برصيد 33 نقطة بفارق 4 نقاط عن الهلال أقرب منافسيه، ولم يخسر اي مباراة حيث فاز في عشر مباريات وتعادل في ثلاث.
وأكد النصر انه بدأ يستعيد عافيته، ولم تعد طموحاته مقتصرة على تحقيق مركز متقدم في سلم الترتيب يضمن له المشاركة في دوري أبطال آسيا وإنما المنافسة بقوة على الألقاب لاسيما بعد فوزه في مبارياته الثلاث الأخيرة، فتغلب على جاره الهلال ومنافسه على الصدارة بهدفين لهدف في الجولة العاشرة، ثم حقق فوزا كبيرا خارج قواعده على الاتحاد بثلاثية نظيفة في الجولة الحادية عشرة قبل ان يتخطى الشباب الثالث بثلاثة أهداف لهدفين.
وعقب هذه النتائج المميزة بات النصر الذي غاب عن البطولات لسنوات طويلة قريبا من استعادة أمجاده الماضية خصوصا في ظل الاستقرار الإداري والفني الذي يشهده منذ الموسم الفارط، فضلا عن الصفقات الكبيرة التي أبرمتها إدارة النادي أواخر العام الماضي وقبل انطلاقة هذا العام والمتمثلة بالتعاقد مع الدولي السابق وصاحب الخبرة محمد نور الذي حقق عدة بطولات مع فريقه السابق الاتحاد والمنتخب السعودي، والدولي السابق ايضا عبده عطيف، والدولي الموهوب الشهري الذي انتقل للفريق في أكبر صفقة في تاريخ الكرة السعودية تجاوزت قيمتها 48 مليون ريال سعودي (نحو 13 مليون دولار)، واللاعب الشاب عبدالرحيم الجيزاوي، فضلا عن عودة هدافه محمد السهلاوي الى مستواه الطبيعي وتسجيله لثمانية أهداف في آخر ست مباريات.
وأكد الأمير فيصل بن تركي رئيس النادي في تصريحات صحافية أن “اعتلاء فريقه لصدارة الدوري لا يعني له شيئا في هذا التوقيت على اعتبار أن الدوري ما زال مستمرا والمنافسة ما زالت قائمة بين أكثر من فريق”، مشيرا إلى أن “ما يهمه هو تحقيق الانتصار تلو الآخر وبعد نهاية كل مباراة يتم التفكير والإعداد للمباراة التي تليها حتى نهاية البطولة”.
وقد عاش النادي، الذي تأسس عام 1955، لحظات صعبة في سنوات مضت نتيجة اعتزال معظم نجومه في فترات متقاربة، فضلا عن عدم وجود راع رسمي له، ولكن منذ قدوم رئيسه الحالي بدأت الأمور تتحسن تدريجيا وتسير على أفضل وجه رغم عدم تجديد عقد الرعاية مع الشريك الاستراتيجي السابق لضعف العائد المادي. كما انه ومنذ سنوات طويلة لم تضم قائمة المنتخب السعودي أكثر من ثلاثة لاعبين من النصر إلا في هذا الموسم حيث تشهد وجود سبعة لاعبين دفعة واحدة، ما يعني أن الفريق أضحى يملك لاعبين يجمعون بين الخبرة الدولية والمستوى الفني العالي، إلى جانب اللاعبين الأجانب الذين يساهمون مع بقية زملائهم في صناعة الفارق.
وبعد تولي المدرب كارينيو المهمة في منتصف الموسم المنصرم خلفا للكولومبي ماتورانا، لم يخسر الفريق في الدوري في 29 مباراة، حيث نجح المدرب المغامر في إكساب الفريق عوامل مهمة أبرزها الصلابة الدفاعية والترابط بين الخطوط واللعب القتالي حتى الصافرة النهائية، كما أنه لا يعترف بالنجوم والأسماء الكبيرة وإنما بالعطاء داخل المستطيل الأخضر، وهذه العوامل أعطت ثمارها، فالفريق حاليا يملك أقوى خط دفاع في الدوري فلم يلج مرماه سوى سبعة أهداف، كما أنه يملك ثاني أقوى خط هجوم برصيد 26 هدفا.
وأبدى كارينيو “رضاه التام عن المستويات التي قدمها فريقه في المباريات الماضية”، مشيرا إلى أن “ما يميز لاعبيه الانضباط التكتيكي والروح العالية”.
وشكلت صدارة النصر للدوري حراكا اجتماعيا كبيرا في السعودية ، حتى وصل الأمر إلى تسمية الأولاد في بطاقة الأحوال المدنية باسم المتصدر والبنات باسم المتصدرة، كما طغت اللغة الشعبية الدارجة على عناوين الصحف اليومية والشبكات العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي مثل عناوين “متصدر لا تكلمني”.