قبيل مباريات فريق الاتحاد لكرة القدم الأخيرة حرصت على تتبع ما ينشر في بعض الصفحات والصحف الرياضية المحسوبة على النادي الكبير فيما يتعلَّق بتشكيلة الفريق الأساسية التي سيدخل بها المدرب المباراة والأسماء والعناصر التي سيعتمد عليها، وكما توقّعت وجدت تغيراّ كبيراّ جداً عن السابق؛ أقرب من وصل إلى التشكيلة في مباراة الفتح (مثلاً) أخطأ في ذكر ثلاثة أسماء على الأقل، وهو أمر لم يكن يحدث من قبل، فقد كانت التشكيلة (تنشر) بالكامل صباح يوم المباراة في بعض الصحف، بل إن أدق أسرار المعسكر وتغييرات المدرب وتحويل مراكز اللاعبين وما يُقال لهم داخل الغرف المغلقة قبل المباراة وبعدها وبين الشوطين كانت تنشر بالتفصيل صباح اليوم التالي، وحتى قبل ذلك بعد المباراة مباشرة في برامج ومداخلات بعض الصحفيين في القنوات الفضائية، اليوم أصبح إيراد التشكيلة يعتمد على التخمين والقراءة وليس المصادر أو التسريب.
قد يكون التدقيق في تشكيلة الفريق يوم المباراة من (التفاصيل) الصغيرة التي لا يهتم بها الكثيرون، لكنني أوردته كمثال لأبيّن كيف أن أحوال النادي (الكبيرة) وأموره المهمة جداً والتي تتعلّق بشؤونه الداخلية وأعمال وتحركات مجلس الإدارة لم تعد مشاعة ولم تعد تصل إلى أولئك الصحفيين، بعد أن (جففت) الإدارة بعض منابعهم ومصادر حصولهم عليها داخل النادي، في أبسطها مثل تشكيلة المباراة.
تجفيف مصادر الأنباء جاء معها أيضاً تجفيف مصادر (المنفعة) التي كانت متاحة ومشاعة بشكل غير موجود في كثير من الأندية والمثال الحي والشاهد على ذلك صفقات اللاعبين، وما يتعلق بمقدمات عقود المحترفين والصرف الكبير والبذخ المبالغ فيه والأرقام الخيالية، التي كانت تقدّم للاعبين عند توقيع العقد أو تجديده، سواء المحترفين غير السعوديين أو المحليين من أبناء النادي أو غيرهم، ويشمل ذلك وكلاء الأعمال وغيرهم من (الوسطاء)، بل أن الأمر وصل في بعض الأوقات إلى أن من يقترح لاعباً للمسؤول ويقدّمه للنادي تأتي له منفعة ويقبض (الحلاوة) ونصيبه من (النسبة) الموزعة المسجلة والمحسوبة على النادي، ومن يتتبع صفقات النادي هذا الموسم ويقارن ما دفع لها مع ما سبقها يتأكد أن هذه المنفعة تم تجفيفها.
تجفيف مصادر المنفعة والأنباء، لا بد له من ثمن تدفعه الإدارة، وهو ما يحدث معها ويظهر بوضوح في كثير من الهجوم الكبير والنقد الساخن والحمم الكتابية والقذائف الكلامية والتقارير الإنشائية والتلفيقات الإخبارية والتسريبات الكاذبة، والتضخيم المتعمد ضد الإدارة وأعمالها وتوجهاتها وقراراتها، وبشكل خاص أخطاؤها، وخاصة ضد نائب الرئيس المحامي عادل جمجوم (المسؤول) عن ملفات كرة القدم، وكل ذلك سيستمر وسيتزايد مع كل فرصة، بأن هناك من سيختلق الفرص، والهدف إما أن ترحل الإدارة ويرحل الجمجوم، أو أن يرضخ لهذه الموجة المتزايدة ضده (ويركع) لها ويقبل أن تسيره بعض الأقلام والصفحات الرياضية ويفتح مصادر (المنفعة والأنباء) كيف يشاؤون ولمصلحة من يشاؤون وليس كما يريد النادي ولمصلحة الاتحاد.
كلام مشفر
· حتى لا يذهب البعض بعيداً في مسألة (المنفعة) فإن الأمر لا يتعلق بعهد بعيد، فقد حصل حتى في وقت قريب، وعلى سبيل المثال طبّق (مبدأ الحلاوة) مع الحارس هاني الناهض عند قدومه، ولست في موضع التشهير، وإلا لذكرت أسماء أخرى للاعبين آخرين، ولكنى فقط استشهد.
· أكبر دليل على تجفيف مصادر (المنفعة) يظهر بوضوح في تتبع ومقارنة المبالغ التي دفعتها الإدارة الحالية للمحترفين غير السعوديين الأربعة الذين تم جلبهم ودفع فيهم (مجتمعين) مبلغاً أقل بكثير مما كان يدفع في لاعب واحد (لاعب واحد فقط) من كثير من اللاعبين الذين تم إحضارهم من قبل.
·ولا ألمح للاعبين كانت لهم قيمة كبيرة وقدموا مستويات مشهودة وكانوا إضافة ومكاسب مثل كالون أو جوب أو تشيكو أو حسني عبد ربه أو امبامي، وإنما أتحدث عن اللاعبين (المضروبين) الذين تورط معهم النادي في فترات مضت ودفع فيهم الملايين لكنه لم يستفد منهم.
· النادي دفع ما يقارب مليون ومائة وعشرين ألف دولار للاعبين الأربعة غير السعوديين الحاليين، في حين أن صفقة اللاعب (الكنجولي) فابريس اندودما على سبيل المثال – كلفت وحدها من قبل النادي مليون وثمانمائة ألف دولار.
· وربما يرى البعض أن السبب في ضعف قيمة الصفقات الحالية هو أن الإدارة (طفرانة) وما عندها (داعم) وأصبحت تتعامل على قدر (مداخيلها) وأرى أن ذلك أمر جيد جداً ويحسب لها ولا يحسب عليها.
·ذلك يعني أنها إدارة ناصحة وناضجة فقد عرفت (الداء) الذي ينخر النادي والمرض الذي يعشعش في الفريق وهي بالتالي عرفت أو هي اختارت (الدواء) المناسب لعلاج أهم وأخطر مصادر العبث بالنادي الكبير.
مقالة للكاتب عثمان مالي عن جريدة الجزيرة