لا أظن أن عدم مشاركة النصر في دوري أبطال آسيا النسخة المقبلة ستكون أمراً سيئاً؛ فخوض تلك البطولة يحتاج الحضور المشرف فيها بفريق متكامل متجانس يملك لاعبوه خبرة جيدة قد لا تتوافر بعد في النصر الذي تطور كثيرا في السنوات الثلاث الماضية وتحول من مجرد مشارك في المنافسات المحلية إلى منافس حقق المركز الرابع في ترتيب الدوري السعودي وكان قريبا من الثالث، وبلغ المباراة النهائية لكأس ولي العهد ولم يمنعه من ملامسة الذهب سوى ركلات الحظ الترجيحية، وهي الميزة التي فضلت عليه الهلال في ختام الموسم الرياضي مع أفضلية وصافة بطل الدوري، وإذا كان الدوري الآسيوي أحد أهم مصانع تكوين الخبرة والاحتكاك لدى اللاعبين فالمشكلة تكمن في أن السعوديين لا يقبلون بغير تحقيق بطولتها، فيؤدي الخروج منها لمشاكل عدة وتأثيرات سلبية، وضغوطات جماهيرية وإعلامية على الإدارة والمدرب واللاعبين؛ فضلًا عما يحدثه المشاركة فيها من ضغط شديد وإرهاق تنتقل آثاره للمنافسات المحلية.
النصر الذي بدأت إدارته منذ قدومها رحلة صناعة فريق جديد تكون جميع عناصرها في عهدها يهدف أولاً للعودة للسيادة المحلية عبر تحقيق بطولة الدوري السعودي، التي أكد الفتح أنها ليست مستحيلة عند توافر جهاز فني وإداري كفء، وعناصر أجنبية تدعم اللاعبين المحليين الذين لم يكونوا في الفتح مواهب خارقة للعادة، ولأن «الأصفر» عانى من التغيير المستمر في المدربين فهو اليوم يبدأ الإعداد للموسم الجديد بالجهاز الفني ذاته الذي حظي بثقة الجماهير، فسجل مع كارينو أفضل النتائج دون خسارة واحدة في الدور الثاني للدوري، وكذلك في كأس ولي العهد، وإعلان التعاقد مع المهاجمين البرازيلين إلتون رودريجز وإيفرتون راموس سيلفا، والفوز بصفقة نقل خدمات لاعب الوسط الاتفاقي يحيى الشهري بعد منافسة مع الجار (الهلال)، تؤكد أن إدارة النصر بدأت العمل للموسم الجديد فور انتهاء آخر مباراة له في كأس الأبطال، وهذه التعاقدات تشير إلى أن الوضع المالي للنادي ليس مخيفاً مع تأكيد الرئيس الأمير فيصل بن تركي على جدولة الديون التي لم ينجُ منها نادٍ سعودي واحد، والعمل على تقوية الفريق بعناصر محلية وأجنبية ستعزز من قوة النصر الذي بات فريقاً يحسب له ألف حساب وهو الذي عاش أكثر من عشر سنوات سجين المشاركات الهامشية، وحبيس الهزائم التاريخية، ومكتفياً بالفرجة على صفقات أبرز النجوم التي دعمت الهلال والاتحاد والأهلي طوال السنوات الماضية، فضلاً عن غياب تام لكل فئاته السنية، واليوم بفضل الاهتمام والدعم الذي تقدمه الإدارة وشرفيون مخلصون يتصدر «الأصفر» العمل في فئتي البراعم والناشئين الذين أحرزوا بطولتي السعودية.
النصر لجأ للتعاقد مع لاعبي خبرة في أوقات مختلفة؛ منها ما كان موفقاً للغاية مثل حسين عبدالغني، ومنها ما جانبه ذلك كعبده عطيف ومحمد عيد، ويبقى الحكم على محمد نور متعجلًا في مباراتين وسنرى ما لديه الموسم المقبل، الأهم هو التركيز على الشباب، ومواصلة منحهم الفرص، ودعمهم بأفضل الأجانب. فإذا كانت بطولة الفتح الكبرى تحتاج دراسة، فإن جرأة الاتحاديين نحو الثقة بالشباب أبطال كأس خادم الحرمين الشريفين للأبطال هي الدرس الأكبر.
مقال للكاتب عبدالله الفرج- جريدة الرياض