لم أجد ما يمكن أن أصف به واقع المنتخب السعودي بعد أن أنهى استعداداته لخوض مباريات “خليجي 22” إلا المثل الخليجي القائل “اللي في القِدر يطلعه الملاّس”، فلا شيء منتظر اليوم من الاسباني لوبيز كارو ومن خلفه اتحاد الكرة إلا أن يؤكدوا لنا، وأعني نحن الذين لم يرق لنا عمله أننا فشلنا حقاً في تقييمه وتقدير ما عليه “الأخضر” من جهوزية بعد المراحل الأربع التي خاضها استعداداً للدورة.
شخصياً، كتبت في إحدى “رياحي الشرقية” السابقة وعلى خلفية قرار تجديد الثقة بلوبيز أن مسيري الاتحاد السعودي سيندمون لهذا القرار، وذكرتهم بقرارين مشابهين، حين تم تجديد الثقة للمدربين السابقين البرتغالي بيسيرو، والهولندي ريكارد، وهما القراران اللذان أفضيا إلى فشل المنتخب وأديا إلى إعلان الأمير سلطان بن فهد استقالته، ليلحق به الأمير نواف بن فيصل الذي تسلم المسؤولية من بعده مستقيلاً كذلك في حدثين غير مسبوقين في تاريخ الرياضة السعودية.
قلت ذلك وأنا أتمنى أن تفشل رؤيتي لأن نجاحها يعني سقوط “الأخضر” في مهمته الخليجية المقبلة، وهو ما لا ننتظره أبداً، وكم هو صعب على الناقد أن يعيش هذا التعارك النفسي، بحيث تتعاكس رؤيته مع أمانيه، لكن تظل الأماني شيئا، والتحليل المبني على المعطيات شيئا آخر.
يكفي من معطيات هذا الاختلال عدم استقرار المنتخب سواء على مستوى تشكيلته التي تعتريها الفوضى في الاختيارات، والمزاجية في عملية الاستدعاء والإبعاد، أو على مستوى نتائجه التي لم تفرز سوى فوز واحد في مبارياته الودية منذ عامين، وحتى مع تسلم المدرب الاسباني المسؤولية إذ ظلت النتائج الودية تتراوح ما بين التعادلات والخسائر، حتى جاءت مباراة منتخب فلسطين الأخيرة التي بدا واضحاً أنها اختيرت بعناية لكسر الحاجز المعنوي الذي انبنى جراء عدم قدرة المنتخب على تحقيق الانتصارات منذ آخر فوز له على اندونيسيا في تصفيات كأس آسيا في مارس 2014.
الآن لا وقت للتلاوم ولا لفرد العضلات بيننا كإعلام وبين اتحاد الكرة لإثبات صحة الرؤى بين التعاقد مع المغمور لوبيز كمدرب مرحلة يفترض أنها انتهت بنهاية تصفيات كأس آسيا، والتجديد له بعد ذلك كقناعة بأنه المدرب الأكفأ على تحقيق التطلعات، وبين الرؤية الأخرى التي ظلت تشدد على أنه الخيار الخطأ، وأن المكابرة باستمراره سيدفع ثمنها “الأخضر”، إذ بات من الضروري اليوم حفظ القناعات، والانتظار حتى الاحتكام إلى ما بعد “خليجي 22”.
المطالبة بضرورة وقف التصعيد الإعلامي مرده إلى أن الحديث اليوم لن يؤدي إلى نتيجة، خصوصاً وأن لا مجال لأي خطوة للوراء يمكن أن يتخذها أحمد عيد واتحاده، بل ليس مطلوباً منهم اليوم اتخاذها مع بدء العد التنازلي للبطولة الخليجية، ثم إن بطولات الخليج تحديداً وقد خبرناها جيداً لا يرتهن الفوز بها للجوانب الفنية غالباً، إذ ان العوامل النفسية تتغلب كثيراً على أية عوامل أخرى، ومنتخبنا يفترض أنه يملك من أوراق الجوانب المعنوية واللوجستية ما تعزز من حضوره كونه المستضيف.
ليكن شعارنا في هذه المرحلة هو “معاك يا الأخضر” بقناعتنا الوطنية بحتمية نهوض المنتخب السعودي الذي عانى من الخيبات جراء سقطاته المتتالية، وعانينا معه من الانكسارات نتيجة خيبات الأمل التي عشناها معه، حتى وإن تعارضت تلك القناعة مع قناعاتنا الفنية، ورؤانا النقدية، فمصلحة الوطن أولا وأخيراً.
مقالة للكاتب محمد الشيخ عن جريدة الرياض